قوله تعالى ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٨) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما كان هذا الدليل أيضاً تتعذر الإحاطة به، قال دالاًّ عليه بأمر جزئي واقع بعلم المحدث عنه حقيقة، فإن عاند بعده سقط عنه الكلام إلا بحد الحسام :﴿ألم تر﴾ أي تعلم علماً هو كالرؤية، ودل على سفول رتبه المرئي بإبعاده عن أعلى الناس قدراً بحرف الغاية فقال :﴿إلى الذين﴾ ولما كان العاقل من إذا زجر عن شيء انزجر حتى يتبين له أنه لا ضرر عليه في فعل ما زجر عنه، عبر بالبناء للمفعول فقال :﴿نهوا﴾ أي من ناه ما لا ينبغي للمنهي مخالفته حتى يعلم أنه مأمون الغائلة ﴿عن النجوى﴾ أي الإسرار لإحلال أنفسهم بذلك في محل التهمة بما لا يرضى من رسول الله ـ ﷺ ـ - كما قال أبو العلاء المعري :
والخل كالماء يبدي لي ضمائره...
مع الصفاء ويخفيها من الكدر


الصفحة التالية