قوله تعالى ﴿ لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (١٧) يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ (١٨) اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (١٩) إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ (٢٠) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما كان لهم أموال وأولاد يتعززون بها، قال مستأنفاً دالاًّ على أن من استتر بجنة دون طاعته لتسلم دنياه وراءه تكشف لسهام التقدير من حيث لا يشعر، ثم لا دينه يبقى ولا دنياه تسلم :﴿لن تغني﴾ أي بوجه من الوجوه ﴿عنهم﴾ أي في الدنيا ولا في الآخرة بالافتداء ولا بغيره ﴿أموالهم﴾ وأكد النفي بإعادة النافي للتنصيص على كل منهما فقال :﴿ولا أولادهم﴾ أي بالنصرة والمدافعة ﴿من الله﴾ إي إغناء مبتدئاً من الملك الأعلى الذي لا كفوء له ﴿شيئاً﴾ أي من إغناء ولو قل جدّاً، فمهما أراد بهم سبحانه كان ونفد ومضى، لا يدفعه شيء تكذيباً لمن قال منهم : لئن كان يوم القيامة لتكونن أسعد فيه منكم كما نحن الآن ولننصرن بأنفسنا وأموالنا وأولادنا.
ولما انتفى الإغناء المبتدئ من الله فانتفى بانتفائه كل إغنائه سواه، أنتج ذلك قوله :﴿أولئك﴾ أي البعداء من كل خير ﴿أصحاب النار﴾ ولما أفهمت الصحبة الملازمة، أكدها بقوله :﴿هم﴾ أي خاصة لاضمحلال عذاب غيرهم - لكونهم في الهاوية - في جنب عذابهم ﴿فيها﴾ أي خاصة دون شيء يقصر عنها ﴿خالدون﴾ أي مقيمون باقون دائمون لازمون إلى غير نهاية.