قوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (١٣) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما خاطب سبحانه المؤمنين الذي لهم موضع الذب والحماية والنصرة بما وطن به المؤمنات في دار الهجرة فوقع الامتحان وعرف الإيمان، أمر النبي ـ ﷺ ـ بعد الحكم بإيمانهن بمبايعتهن فقال ﴿يا أيها النبي﴾ مخاطباً له بالوصف المقتضي للعلم، ودل على تحقق كون ما يخبر به من مجيئهن بأداة التحقيق علماً من أعلام النبوة فقال :﴿إذا جاءك المؤمنات﴾ جعل إقبالهن عليه ـ ﷺ ـ لا سيما مع الهجرة مصححاً لإطلاق الوصف عليهن ﴿يبايعنك﴾ أي كل واحدة منهن تبايع ﴿على أن لا يشركن﴾ أي يوقعن الإشراك لأحد من الموجودات في وقت من الأوقات ﴿بالله﴾ أي الملك الذي لا كفوء له ﴿شيئاً﴾ أي من إشراك على الإطلاق.
ولما كان الشرك بذل حق الملك لمن لا يستحقه، أتبعه أخذ مال المالك بغير حق لاقتضاء الحال لذلك بتمكن المرأة من اختلاس مال الزوج وعسر تحفظه منها فقال :﴿ولا يسرقن﴾ أي يأخذن مال الغير بغير استحقاق في خفية، وأتبع ذلك بذل حق الغير لغير أهله فقال :﴿ولا يزنين﴾ أي يمكن أحداً من وطئهن بغير عقد صحيح.