قوله تعالى ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (٤٢) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (٤٣) إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا (٤٤) إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (٤٥) كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (٤٦) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما قسمهم هذا التقسيم المفهم أن هذا شيء لا بد منه، استأنف ذكر استهزائهم تعجيباً منهم فقال :﴿يسئلونك﴾ أي قريش على سبيل التجديد والاستمرار سؤال استهزاء وإنكار واستبعاد :﴿عن الساعة﴾ أي البعث الآخر لكثرة ما تتوعدهم بها عن أمرنا.
ولما كان السؤال عنها مبهماً بينه بقوله :﴿أيان مرساها﴾ أي في أي وقت إرساؤها أي وقوعها أو ثباتها واستقرارها.
ولما كان إيراد هذا هكذا مفهماً للإنكار عليهم في هذا السؤال، وكان من المعلوم أنه يقول : إنهم ليسألونني وربما تحركت نفسه الشريفة ـ ﷺ ـ إلى إجابتهم لحرصه على إسلامهم شفقة عليهم، فطمه عن ذلك وصرح بالإنكار بقوله :﴿فيم﴾ أي في أي شيء ﴿أنت من ذكراها﴾ أي ذكرها العظيم لتعرفها وتبين وقتها لهم حرصاً على إسلامهم، وذلك لا يفيد علمها، ثم عرفها بما لا يمكن المزيد عليه مما أفادته الجملة التي قبل من أنه لا يمكن علمها لغيره سبحانه وتعالى فقال :﴿إلى ربك﴾ أي المحسن إليك وحده ﴿منتهاها﴾ أي منتهى علمها وجميع أمرها.