قوله تعالى ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (١٥) بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (١٦) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (١٧) إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (١٨) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (١٩) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما ثبت بهذا أن لهذا هذا الشقاء الأعظم، فكان التقدير : لأنه لم يزك نفسه لأنه ما كان مطبوعاً على الخشية، أنتج ولا بد قوله تعالى دالاً على الدين التكليفي وهو اجتناب واجتلاب، فجمع الاجتناب والاجتلاب بالتزكية بالتبتل بالأبواب والملازمة للأعتاب بامتثال الأمر واجتناب النهي بالمجاهدات المقربات إليه سبحانه وتعالى، المنجيات بعد ما حذر من المهلكات، للمسارعة في محابه ومراضيه اجتماعاً على العبادة الموصلة للخالق بعد حصول الكمال والتكميل فإنه لا بد في الحياة الطيبة بعد الانتماء إلى ذي الجاه العريض والاقتداء بمن لا يزيغ من الارتباط بطريقة مثلى يحصل بها الاغتباط ليصل بها إلى المقصود ويعمّر أوقاته بوظائفها لئلا يحصل له خلل ولا ضياع لنفائس الأوقات ولا غفلة يستهويه بها قطاع الطريق :﴿قد أفلح﴾ أي فاز بكل مراد ﴿من تزكّى﴾ أي أعمل نفسه في تطهيرها من فاسد الاعتقادات والأخلاق والأقوال والأفعال والأموال وتنمية أعمالها القلبية والقالبية وصدقة أموالها، وذلك هو التسبيح الذي أمر به أول السورة وما تأثر عنه، من عمل هذا فهو الأسعد.