قوله تعالى ﴿ وَالضُّحَى (١) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (٢) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (٣) وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (٤) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (٥) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
( بسم الله ) المعز لمن أراد، الكريم البر الودود ذي الجلال والإكرام ( الرحمن ) الذي عمن بنعمته الإيجاد الخاص والعام ( الرحيم ) الذي أعلى أهل وده فخصهم بإتمام الإنعام.
ولما حكم في آخر الليل بإسعاد الأتقياء، وكان النبي ـ ﷺ ـ أتقى الخلق مطلقاً، وكان قد قطع عنه الوحي حيناً ابتلاء لمن شاء من عباده، وكان به ـ ﷺ ـ صلاح الدين والدنيا والآخرة، وكان الملوان سبب صلاح معاش الخلق وكثير من معادهم، أقسم سبحانه وتعالى بهما على أنه أسعد الخلائق دنيا وأخرى، فقال مقدماً ما يناسب حال الأتقى الذي قصد به أبو بكر ـ رضى الله عنه ـ قصداً أولياً من النور الذي يملأ الأقطار، ويمحو كل ظلام يرد عليه ويصل إليه، مفهماً بما ذكر من وقت الضياء الناصع حالة أول النهار وآخر الليل التي هي ظلمة ملتف بساقها ساق النهار عند الإسفار :﴿والضحى﴾ فذكر ما هو أشرف النهار وألطفه وهو زهرته، وأضوأه وهو صدره، وذلك وقت ارتفاع الشمس لأن المقسم لأجله أشرف الخلائق، وذلك يدل على أنه يبلغ من الشرف ما لا يبلغه أحد من الخلق.