لباب التأويل، ج ٢، ص : ١٨٠
سورة الأعراف
نزلت بمكة روي ذلك عن ابن عباس، وبه قال الحسن ومجاهد وعكرمة وعطاء وجابر بن زيد وقتادة.
وروي عن ابن عباس أيضا أنها مكية إلا خمس آيات أولها : وأسألهم عن القرية التي كانت. وبه قال قتادة وقال مقاتل : ثمان آيات في سورة الأعراف مدنية أولها وأسألهم عن القرية إلى قوله وإذا أخذ ربك من بني آدم وهي مائتان وست آيات وثلاثة آلاف وثلاثمائة وخمس وعشرون كلمة وأربعة عشرة ألف حرف عشرة أحرف.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الأعراف (٧) : آية ١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

المص (١)
قوله عز وجل المص قال ابن عباس : معناه أنا اللّه أفصل وعنه أنا اللّه أعلم وأفصل وعنه أن المص قسم أقسم اللّه به وهو اسم من أسماء اللّه تعالى، وقال قتادة : المص اسم من أسماء القرآن، وقال الحسن : هو اسم للسورة، وقال السدي : هو بعض اسمه تعالى المصور، وقال أبو العالية : الألف مفتاح اسمه اللّه واللام مفتاح اسمه لطيف والميم مفتاح اسمه مجيد والصاد مفتاح اسمه صادق وصبور. وقيل : هي حروف مقطعة استأثر اللّه تعالى بعلمها وهي سره في كتابه العزيز، وقيل : هي حروف اسمه الأعظم وقيل هي حروف تحتوي معاني دل اللّه بها خلقه على مراده وقد تقدم بسط الكلام على معاني الحروف المقطعة أوائل السور في أول سورة البقرة.
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٢ الى ٦]
كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (٢) اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (٣) وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ (٤) فَما كانَ دَعْواهُمْ إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا إِلاَّ أَنْ قالُوا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (٥) فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (٦)
وقوله تعالى : كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ يعني هذا كتاب أنزله اللّه إليك يا محمد وهو القرآن فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ يعني : فلا يضيق صدرك بالإبلاغ وتأدية ما أرسلت به إلى الناس لِتُنْذِرَ بِهِ يعني : أنزلت إليك الكتاب يا محمد لتنذر به من أمرتك بإنذاره وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ يعني : ولتذكر وتعظ به المؤمنين وهذا من المؤخر الذي معناه التقديم، تقديره : كتاب أنزلناه إليك لتنذر به وذكر للمؤمنين فلا يكن في صدرك حرج منه.
قال ابن عباس : فلا تكن في شك منه لأن الشك لا يكون إلا من ضيق الصدر وقلة الاتساع لتوجيه ما حصل له.
قوله تعالى : اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ أي : قل يا محمد لقومك اتبعوا أيها الناس ما أنزل إليكم من ربكم يعني من القرآن الذي فيه الهدى والنور والبيان. قال الحسن : يا ابن آدم أمرت باتباع كتاب اللّه وسنة محمد صلى اللّه عليه وسلم واللّه ما نزلت آية إلا ويجب أن تعلم فيما أنزلت وما معناها، وبنحو هذا قال الزجاج : أي اتبعوا القرآن وما


الصفحة التالية
Icon