لباب التأويل، ج ٢، ص : ٢٨٩
سورة الأنفال
مدنية كلها إلا سبع آيات منها نزلت بمكة وهي من قوله سبحانه وتعالى : وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إلى آخر سبع آيات والأصح أنها نزلت بالمدينة وإن كانت الواقعة مكية وهي خمس وسبعون آية وألف وخمس وسبعون كلمة وخمسة آلاف وثمانون حرفا.

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

[سورة الأنفال (٨) : آية ١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١)
قوله سبحانه وتعالى : يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ (ق) عن سعيد بن جبير قال : سألت ابن عباس عن سورة الأنفال. قال : نزلت في بدر واختلف أهل التفسير في سبب نزولها فقال ابن عباس لما كان يوم بدر قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :«من صنع كذا وكذا فله كذا وكذا ومن أتى مكان كذا وكذا فله كذا وكذا ومن قتل قتيلا فله كذا فتسارع الشباب وبقيت الشيوخ تحت الرايات فلما فتح اللّه عليهم جاءوا يطلبون ما جعل لهم النبي صلى اللّه عليه وسلم، فقال لهم الأشياخ : لا تذهبوا به دوننا ولا تستأثروا به علينا فإن كنا رداءا لكم ولو انكشفتم إلينا فتنازعوا. فأنزل اللّه عز وجل : يسألونك عن الأنفال. الآية قال أهل التفسير : قام أبو اليسر بن عمرو الأنصاري أخو بني سلمة فقال : يا رسول اللّه إنك وعدت أن من قتل قتيلا فله كذا وكذا وإنا قد قتلنا سبعين وأسرنا سبعين وقام سعد بن معاذ فقال :
واللّه ما منعنا أن نطلب ما طلب هؤلاء زهادة في الآخرة ولا جبن عن العدو ولكن كرهنا أن تعرى مصافك فتعطف عليك خيل من المشركين فيصيبونك. فأعرض عنهما رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال سعد : يا رسول اللّه إن الناس كثير والغنيمة دون ذلك فإن تعط هؤلاء الذين ذكرت لا يبقى لأصحابك كبير شيء فنزلت هذه الآية : يسألونك عن الأنفال وقال محمد بن إسحاق :«أمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بما في العسكر فجمع فاختلف المسلمون فيه فقال من جمعه هو لنا وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نفل كل امرئ ما أصاب وقال الذين كانوا يقاتلون العدو لولا نحن ما أصبتموه وقال الذين يحرسون رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لقد كنا نقدر أن نقاتل العدو ولكنا خفنا على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم غرة العدو فقمنا دونه فما أنتم بأحق منا فنزلت هذه الآية»
.
روى مكحول عن أبي أمامة الباهلي قال :«سألت عبادة بن الصامت عن الأنفال فقال فينا معشر أصحاب بدر نزلت حين اختلفنا في النفل وساءت فيه أخلاقنا فنزعه اللّه من أيدينا وجعله إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقسمه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بيننا عن بواء» يقول على سواء وكان فيه تقوى اللّه وطاعة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وإصلاح ذات البين وعن سعد بن أبي وقاص قال :«لما كان يوم بدر جئت بسيف فقلت يا رسول اللّه إن اللّه قد شفى صدري من المشركين أو نحو هذا هب لي هذا السيف فقال :«هذا ليس لي ولا لك فقلت : عسى أن يعطي هذا من لا يبلي بلائي فجاءني


الصفحة التالية
Icon