لباب التأويل، ج ٣، ص : ٢٤٧
سورة الحج
وهي مكية غير ست آيات من قوله عزّ وجلّ هذانِ خَصْمانِ إلى قوله وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ وهي ثمان وسبعون آية وألف ومائتان وإحدى وتسعون كلمة وخمسة آلاف وخمسة وسبعون حرفا.

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

[سورة الحج (٢٢) : الآيات ١ الى ٢]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (١) يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (٢)
قوله عزّ وجلّ يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ يعني احذروا عقابه واعملوا بطاعته إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ الزلزلة شدة الحركة على الحال الهائلة ووصفها بالعظم ولا شيء أعظم مما عظمه اللّه تعالى. قيل : هي من أشراط الساعة قبل قيامها. وقال ابن عباس : زلزلة الساعة قيامها فتكون معها يَوْمَ تَرَوْنَها
أي الساعة وقيل الزلزلة تَذْهَلُ
قال ابن عباس تشغل وقيل تنسي كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ
أي كل امرأة معها ولد ترضعه وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها
أي تسقط من هول ذلك اليوم كل حامل حملها قال الحسن : تذهل المرضعة عن ولدها لغير فطام وتضع الحامل ما في بطنها بغير تمام. فعلى هذا القول تكون الزلزلة في الدنيا لأن بعد البعث لا يكون حبل ومن قال تكون الزلزلة في القيامة قال هذا على وجه تعظيم الأمر وتهويله على حقيقته كما تقول أصابنا أمر يشيب فيه الوليد تريد به شدته وَتَرَى النَّاسَ سُكارى
على التشبيه وَما هُمْ بِسُكارى
على التحقيق ولكن ما رهقهم من خوف عذاب اللّه هو الذي أذهب عقولهم وأزال تمييزهم وقيل سكارى من الخوف وما هم بسكارى من الشراب وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ
(ق) عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم «يقول اللّه سبحانه وتعالى يوم القيامة يا آدم فيقول لبيك وسعديك».
زاد في رواية «و الخير في يديك فينادى بصوت إن اللّه تعالى يأمرك أن تخرج من ذريتك بعث النار قال رب وما بعث النار قال من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون فحينئذ تضع الحوامل، ويشيب الوليد وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب اللّه شديد فشق ذلك على الناس حتى تغيرت وجوههم» زاد في رواية قالوا يا رسول اللّه أينا ذلك الرجل فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : من يأجوج ومأجوج تسعمائة وتسعة وتسعون ومنكم واحد ثم أنتم في الناس كالشعرة السوداء في جنب الثور الأبيض أو كالشعرة البيضاء في جنب الثور الأسود وفي رواية كالرقمة في ذراع الحمار وأني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة. فكبّرنا ثم قال : ثلث أهل الجنة فكبّرنا ثم قال شطر أهل الجنة فكبّرنا» لفظ البخاري. وفي حديث عمران بن حصين وغيره أن هاتين الآيتين نزلتا في غزوة بني المصطلق ليلا فنادى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فحثوا المطي حتى كانوا حول رسول اللّه صلّى اللّه


الصفحة التالية
Icon