لباب التأويل، ج ٤، ص : ١٨٦
سورة ق
(مكية وهي خمس وأربعون آية وثلاثمائة وسبع وخمسون كلمة وألف وأربعمائة وأربعة وتسعون حرفا).

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

[سورة ق (٥٠) : الآيات ١ الى ٤]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (١) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ (٢) أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (٣) قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ (٤)
قوله عز وجل : ق قال ابن عباس : هو قسم وقيل : هو اسم للسورة وقيل اسم من أسماء اللّه وقيل اسم من أسماء القرآن وقيل هو مفتاح اسمه القدير والقادر والقاهر والقريب والقابض والقدوس والقيوم. وقيل : معناه قضى الأمر أو قضى ما هو كائن. وقيل : هو جبل محيط بالأرض من زمردة خضراء متصلة عروقه بالصخرة التي عليها الأرض والسماء كهيئة القبة وعليه كتفاها وخضرة السماء منه والعالم داخله ولا يعلم ما وراءه إلا اللّه تعالى ويقال هو من وراء الحجاب الذي تغيب الشمس من ورائه بمسيرة سنة وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ أي الشريف الكريم على اللّه الكثير الخير والبركة واختلفوا في وجواب القسم قيل جوابه محذوف تقديره لتبعثن وقيل جوابه بل عجبوا وقيل ما يلفظ من قول وقيل قد علمنا ومعنى بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ إنكار لتعجبهم مما ليس بعجب وهو أن يخوفهم رجل منهم قد عرفوا وساطته فيهم وعدالته وأمانته وصدقه فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ أي معجب غريب أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً أي حين نموت ونبلى نبعث وترك ذكر البعث لدلالة الكلام عليه ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ أي يبعد أن نبعث بعد الموت قال اللّه تعالى : قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ أي ما تأكل الأرض من لحومهم ودمائهم وعظامهم لا يعزب عن علمنا شيء وَعِنْدَنا أي مع علمنا بذلك كِتابٌ حَفِيظٌ بمعنى محفوظ أي من التبديل والتغيير وقيل حفيظ بمعنى حافظ أي حافظ لعددهم وأسمائهم ولما تنقص الأرض منهم وهو اللوح المحفوظ وقد أثبت فيه ما يكون.
[سورة ق (٥٠) : الآيات ٥ الى ١١]
بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ (٥) أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ (٦) وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٧) تَبْصِرَةً وَذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (٨) وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (٩)
وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ (١٠) رِزْقاً لِلْعِبادِ وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ (١١)
بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ أي بالقرآن لَمَّا جاءَهُمْ قيل : معناه كذبوا به لما جاءهم. وقيل : كذبوا المنذر لما جاءهم فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ أي مختلط ملتبس قيل معنى اختلاط أمرهم قولهم للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم مرة شاعر ومرة ساحر


الصفحة التالية
Icon