لباب التأويل، ج ٤، ص : ٣٠٥
سورة الطلاق
مدنية وهي اثنتا عشرة آية ومائتان وتسع وأربعون كلمة وألف وستون حرفا.

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

[سورة الطلاق (٦٥) : آية ١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً (١)
قوله عز وجل : يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ نادى النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ثم خاطب أمته لأنه المقدم عليهم فإذا خوطب خطاب الجمع كانت أمته داخلة في ذلك الخطاب وقيل معناه يا أيها النبي قل لأمتك فأضمر القول إذا طلقتم النساء أي إذا أردتم تطليقهن فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ أي لزمان عدتهن وهو الطهر لأنها تعتد بذلك الطهر من عدتها وتحصل في العدة عقيب الطلاق فلا يطول عليها زمان العدة وكان ابن عباس وابن عمر يقرآن فطلقوهن في قبل عدتهن وهذا في المدخول بها لأن غير المدخول بها لا عدة عليها نزلت هذه الآية في عبد اللّه بن عمر كان قد طلق امرأته في حال الحيض (ق) عن ابن عمر رضي اللّه عنهما «أنه طلق امرأته وهي حائض فذكر ذلك عمر لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فتغيظ منه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ثم قال : مره فليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها قبل أن يمسها فتلك العدة التي أمر اللّه أن يطلق لها النساء» زاد في رواية «كان عبد اللّه طلقها تطليقة فحسبت من طلاقها وراجعها عبد اللّه كما أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم» وفي رواية لمسلم «إنه طلق امرأته وهي حائض فذكر ذلك عمر للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم فقال مره فليراجعها ثم ليطلقها طاهرا أو حاملا» ولمسلم من حديث أبي الزبير أنه سمع عبد الرّحمن بن أيمن مولى عروة يسأل عمر وأبو الزبير يسمع كيف ترى في رجل طلق امرأته حائضا فقال «طلق ابن عمر امرأته وهي حائض على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ليراجعها فردها وقال إذا طهرت فليطلق أو ليمسك قال ابن عمر وقرأ النبي صلّى اللّه عليه وسلّم يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل عدتهن» «١».
(فصل) اعلم أن الطلاق في حال الحيض والنفاس بدعة وكذلك في الطهر الذي جامعها فيه لقول النبي صلّى اللّه عليه وسلّم وإن شاء طلق قبل أن يمس، والطلاق السني أن يطلقها في طهر لم يجامعها فيه وهذا في حق امرأة تلزمها العدة بالأقراء فأما إذا طلق غير المدخول بها في حال الحيض أو طلق الصغيرة التي لم تحض أو الآيسة بعد ما جامعها أو طلق
________
(١) قوله في قبل عدتهن. قال في شرح مسلم هي قراءة ابن عباس وابن عمر وهي شاذة لا تثبت قرآنا بالإجماع ولا يكون لها حكم خبر الواحد عندنا ا ه.


الصفحة التالية
Icon