لباب التأويل، ج ٤، ص : ٤٨٠
سورة الكوثر
وهي مكية قاله ابن عباس والجمهور، وقيل إنها مدنية قاله الحسن وعكرمة، وقتادة وهي ثلاث آيات وعشر كلمات واثنان وأربعون حرفابسم اللّه الرّحمن الرّحيم
[سورة الكوثر (١٠٨) : الآيات ١ الى ٣]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)
قوله عزّ وجلّ : إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ نهر في الجنة أعطاه اللّه محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم، وقيل الكوثر القرآن العظيم، وقيل هو النّبوة، والكتاب، والحكمة، وقيل هو كثرة أتباعه، وأمته، وقيل الكوثر الخير الكثير كما فسره ابن عباس (خ) عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال الكوثر الخير الكثير الذي أعطاه اللّه إياه، قال أبو بشر قلت لسعيد بن جبير أن ناسا يزعمون أنه نهر في الجنة، فقال سعيد النهر الذي في الجنة من الخير الكثير الذي أعطاه اللّه إياه، وأصل الكوثر فوعل من الكثرة، والعرب تسمي كل شيء كثير في العدد أو كثير القدر والخطر كوثرا، وقيل الكوثر الفضائل الكثيرة التي فضل بها على جميع الخلق فجميع ما جاء في تفسير الكوثر فقد أعطيه النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أعطي النبوة، والكتاب، والحكمة، والعلم، والشفاعة، والحوض المورود، والمقام المحمود، وكثرة الأتباع، والإسلام، وإظهاره على الأديان كلها، والنّصر على الأعداء، وكثرة الفتوح في زمنه وبعده إلى يوم القيامة.
وأولى الأقاويل في الكوثر الذي عليه جمهور العلماء، أنه نهر في الجنة كما جاء مبينا في الحديث (ق) عن أنس قال «بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءه ثم رفع رأسه متبسما، فقلنا ما أضحكك يا رسول اللّه قال أنزلت عليّ آنفا سورة، فقرأ بسم اللّه الرّحمن الرّحيم إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ، ثم قال أتدرون ما الكوثر، قلنا اللّه ورسوله أعلم قال، فإنه نهر وعدنيه ربي عزّ وجلّ فيه خير كثير هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة. آنيته عدد نجوم السماء، فيختلج العبد منهم، فأقول رب إنه من أمتي.
فيقول ما تدري ما أحدث بعدك»
لفظ مسلم وللبخاري قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم «لما عرج بي إلى السّماء أتيت على نهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف، فقلت ما هذا يا جبريل؟ قال : هذا الكوثر الذي أعطاك ربك فإذا طينه أو طينته مسك أذفر» شك الراوي عن أنس رضي اللّه عنه قال «سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ما الكوثر قال ذلك نهر أعطانيه اللّه يعني في الجنة أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل فيه طير أعناقها كأعناق الجزور، قال عمر إن هذه لناعمة فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أكلتها أنعم منها» أخرجه التّرمذي، وقال حديث حسن صحيح.
عن ابن عمر قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم «الكوثر نهر في الجنة حافتاه من ذهب ومجراه على الدر، والياقوت تربته أطيب من المسك، وماؤه أحلى من العسل وأبيض من الثلج» أخرجه التّرمذي، وقال حديث حسن صحيح


الصفحة التالية
Icon