البحر المحيط، ج ٨، ص : ٩٩
الاسترواح إلى الأزواج والتمتع، ولا نوم في الجنة فسمي مكان استرواحهم إلى الحور مَقِيلًا على طريق التشبيه إذ المكان المتخير للقيلولة يكون أطيب المواضع. وفي لفظ أَحْسَنُ رمز إلى ما يتزين به مقيلهم من حسن الوجوه وملاحة الصور إلى غير ذلك من التحاسين. وخَيْرٌ قيل : ليست على بابها من استعمالها دلالة على الأفضلية فيلزم من ذلك خير في مستقر أهل النار، ويمكن إبقاؤها على بابها ويكون التفضيل وقع بين المستقرين والمقيلين باعتبار الزمان الواقع ذلك فيه. فالمعنى خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا في الآخرة من الكفار المترفين في الدنيا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا في الآخرة من أولئك في الدنيا. وقيل :
خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا منهم لو كان لهم مستقر، فيكون التقدير وجود مستقر لهم فيه خير. وعن ابن مسعود وابن عباس والنخعي وابن جبير وابن جريج ومقاتل : إن الحساب يكمل في مقدار نصف يوم من أيام الدنيا، ويقيل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار.
[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٢٥ إلى ٣٤]
وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً (٢٥) الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً (٢٦) وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً (٢٧) يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً (٢٨) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً (٢٩)
وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (٣٠) وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفى بِرَبِّكَ هادِياً وَنَصِيراً (٣١) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً (٣٢) وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً (٣٣) الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ إِلى جَهَنَّمَ أُوْلئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً (٣٤)
قرأ الحرميان وابن عامر تَشَقَّقُ بإدغام التاء من تتشقق في الشين هنا. وفي ق وباقي السبعة بحذف تلك التاء ويعني يوم القيامة كقوله السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ «١». وقرأ

(١) سورة المزمل : ٧٣/ ١٨.


الصفحة التالية
Icon