البحر المحيط، ج ١، ص : ٣١٨
الفارسي والسيرافي من أنه بناء أصلي على حده هو الصحيح، بدليل ما حكاه أبو زيد وهو :
تخذ يتخذ تخذا، قال الشاعر :
ولا تكثرن اتخذ العشار فإنها تريد مباآت فسيحا بناؤها
وذكر المهدوي في شرح الهداية : أن الأصل واو مبدلة من همزة، ثم قلبت الواو تاء وأدغمت في التاء، فصار في اتخذ أقوال : أحدها : التاء الأولى أصل. الثاني : أنها بدل من واو أصلية. الثالث : أنها بدل من تاء أبدلت من همزة. الرابع : أنها بدل من واو أبدلت من همزة، واتخذ تارة يتعدى لواحد، وذلك نحو قوله تعالى : اتَّخَذَتْ بَيْتاً «١»، وتارة لاثنين نحو قوله تعالى : أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ «٢» : بمعنى صير. العجل : معروف، وهو ولد البقرة الصغير الذكر. بعد : ظرف زمان، وأصله الوصف، كقبل، وحكمه حكمه في كونه يبنى على الضم إذا قطع عن الإضافة إلى معرفة، ويعرب بحركتين، فإذا قلت : جئت بعد زيد، فالتقدير : جئت زمانا بعد زمان مجيء زيد، ولا يحفظ جرّه إلا بمن وحدها.
عفا : بمعنى كثر، فلا يتعدى حتى عفوا، وقالوا : وبمعنى درس، فيكون لازما متعديا نحو :
عفت الديار، ونحو : عفاها الريح، وعفى عن زيد : لم يؤاخذه بجريمته، واعفوا عن اللحى، أي اتركوها ولا تأخذوا منها شيئا، ورجل عفوّ، والجمع عفو على فعل بإسكان العين، وهو جمع شاذ، والعفاء : الشعر الكثير، قال الشاعر :
عليه من عقيقته عفاء ويقال في الدعاء على الشخص : عليه العفاء، قال :
على آثار من ذهب العفاء يريد الدروس، وتأتي عفا : بمعنى سهل من قولهم : خذ ما عفا وصفا، وأخذت عفوه : أي ما سهل عليه، ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ «٣» : أي الفضل الذي يسهل إعطاؤه، ومنه : خذ العفو، وأي السهل على أحد الأقوال، والعافية : الحالة السهلة السمحة.
الشكر : الثناء على إسداء النعم، وفعله : شكر يشكر شكرا وشكورا، ويتعدى لواحد تارة بنفسه وتارة بحرف جر، وهو من ألفاظ مسموعة تحفظ ولا يقاس عليها، وهو قسم برأسه، تارة يتعدى بنفسه وتارة بحرف جر على حد سواء، خلافا لمن زعم استحالة ذلك. وكان

_
(١) سورة العنكبوت : ٢٩/ ٤١.
(٢) سورة الجاثية : ٤٥/ ٢٣.
(٣) سورة البقرة : ٢/ ٢١٩.


الصفحة التالية
Icon