البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٥٥٥
سورة الكوثر
[سورة الكوثر (١٠٨) : الآيات ١ إلى ٣]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)
انحر : أمر من النحر، وهو ضرب النحر للإبل بما يفيت الروح من محدود. الأبتر :
الذي لا عقب له، والبتر : القطع، بترت الشيء : قطعته، وبتر بالكسر فهو أبتر : انقطع ذنبه. وخطب زياد خطبته البتراء، لأنه لم يحمد فيها اللّه تعالى، ولا صلى على رسوله صلّى اللّه عليه وسلم، ورجل أباتر، بضم الهمزة : الذي يقطع رحمه، ومنه قول الشاعر :
لئيم بدت في أنفه خنزوانة على قطع ذي القربى أجذ أباتر
والبترية : قوم من الزيدية نسبوا إلى المغيرة بن سعد ولقبه الأبتر، واللّه تعالى أعلم.
إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ، فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ، إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ.
هذه السورة مكية في المشهور، وقول الجمهور : مدنية في قول الحسن وعكرمة وقتادة. ولما ذكر فيما قبلها وصف المنافق بالبخل وترك الصلاة والرياء ومنع الزكاة، قابل في هذه السورة البخل ب إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ، والسهو في الصلاة بقوله : فَصَلِّ، والرياء بقوله : لِرَبِّكَ، ومنع الزكاة بقوله : وَانْحَرْ، أراد به التصدّق بلحم الأضاحي، فقابل أربعا بأربع. ونزلت في العاصي بن وائل، كان يسمي الرسول صلّى اللّه عليه وسلم بالأبتر، وكان يقول : دعوه إنما هو رجل أبتر لا عقب له، لو هلك انقطع ذكره واسترحتم منه.
وقرأ الجمهور : أَعْطَيْناكَ بالعين والحسن وطلحة وابن محيصن والزعفراني :


الصفحة التالية
Icon