مفاتيح الغيب، ج ١٢، ص : ٤٧١

بسم اللَّه الرحمن الرحيم

سورة الأنعام
مكية إلا الآيات : ٢٠ و٢٣ و٩١ و٩٣ و١١٤ و١٤١ و١٥١ و١٥٢ و١٥٣ فمدنية، وآياتها ١٦٥ نزلت بعد سورة الحجر قال ابن عباس رضي اللَّه عنه : إنها مكية نزلت جملة واحدة، فامتلأ منها الوادي، وشيعها سبعون ألف ملك، ونزلت الملائكة فملئوا ما بين الأخشبين، فدعا الرسول صلى اللَّه عليه وسلم الكتاب وكتبوها من ليلتهم إلا ست آيات فإنها مدنيات قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ [الأنعام : ١٥١] إلى آخر الآيات الثلاث وقوله وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ [الأنعام : ٩١] الآية وقوله وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً [الأنعام : ٩٣] وعن أنس قال :
قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم :«ما نزل علي سورة من القرآن جملة غير سورة الأنعام، وما اجتمعت الشياطين لسورة من القرآن جمعها لها، وقد بعث بها إلي مع جبريل مع خمسين ملكا أو خمسين ألف ملك يزفونها ويحفونها حتى أقروها في صدري كما أقر الماء في الحوض، ولقد أعزني اللَّه وإياكم بها عزا لا يذلنا بعده أبدا، فيها دحض حجج المشركين ووعد من اللَّه لا يخلفه»
وعن ابن المنكدر : لما نزلت سورة الأنعام سبّح رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وقال :
«لقد شيع هذه السورة من الملائكة ما سد الأفق»
قال الأصوليون : هذه السورة اختصت بنوعين من الفضيلة. أحدهما : أنها نزلت دفعة واحدة، والثاني :
أنها شيعها سبعون ألفا من الملائكة، والسبب فيه أنها مشتملة على دلائل التوحيد والعدل والنبوّة والمعاد وإبطال مذاهب المبطلين والملحدين، وذلك يدل على أن علم الأصول في غاية الجلالة والرفعة، وأيضا فإنزال ما يدل على الأحكام قد تكون المصلحة أن ينزله اللَّه تعالى قدر حاجتهم، وبحسب الحوادث والنوازل. وأما ما يدل على علم الأصول فقد أنزله اللَّه تعالى جملة واحدة، وذلك يدل على أن تعلم علم الأصول واجب على الفور لا على التراخي.
[سورة الأنعام (٦) : آية ١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١)
اعلم أن الكلام المستقصى في قوله الْحَمْدُ لِلَّهِ قد سبق في تفسير سورة الفاتحة، ولا بأس بأن نعيد بعض تلك الفوائد، وفيه مسائل :


الصفحة التالية
Icon