مفاتيح الغيب، ج ١٨، ص : ٤١٦
سورة يوسف
مكية، إلا الآيات : ١ و٢ و٣ و٧، فمدنية وآياتها : ١١١، نزلت بعد سورة هود بسم اللَّه الرحمن الرحيم
[سورة يوسف (١٢) : الآيات ١ إلى ٢]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (١) إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٢)
[في قوله تعالى الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ ] وقد ذكرنا في أول سورة يونس تفسير : الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ [يونس : ١] فقوله : تِلْكَ إشارة إلى آيات هذه السورة أي تلك الآيات التي أنزلت إليك في هذه السورة المسماة الر هي آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ وهو القرآن، وإنما وصف القرآن بكونه مبينا لوجوه : الأول : أن القرآن معجزة قاهرة وآية بينة لمحمد صلى اللَّه عليه وسلم. والثاني : أنه بين فيه الهدى والرشد، والحلال والحرام، ولما بينت هذه الأشياء فيه كان الكتاب مبينا لهذه الأشياء. الثالث : أنه بينت فيه قصص الأولين وشرحت فيه أحوال المتقدمين.
ثم قال : إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وفيه مسائل :
المسألة الأولى : روي أن علماء اليهود قالوا لكبراء المشركين، سلوا محمدا لم انتقل آل يعقوب من الشام إلى مصر، وعن كيفية قصة يوسف، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية، وذكر فيها أنه / تعالى عبر عن هذه القصة بألفاظ عربية، ليتمكنوا من فهمها ويقدروا على تحصيل المعرفة بها. والتقدير : إنا أنزلنا هذا الكتاب الذي فيه قصة يوسف في حال كونه قرآنا عربيا، وسمى بعض القرآن قرآنا، لأن القرآن اسم جنس يقع على الكل والبعض.
المسألة الثانية : احتج الجبائي بهذه الآية على كون القرآن مخلوقا من ثلاثة أوجه : الأول : أن قوله : إِنَّا أَنْزَلْناهُ يدل عليه، فإن القديم لا يجوز تنزيله وإنزاله وتحويله من حال إلى حال، الثاني : أنه تعالى وصفه بكونه عربيا والقديم لا يكون عربيا ولا فارسيا. الثالث : أنه لما قال : إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا دل على أنه تعالى كان قادرا على أن ينزله لا عربيا، وذلك يدل على حدوثه. الرابع : أن قوله : تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ يدل على أنه مركب من الآيات والكلمات، وكل ما كان مركبا كان محدثا.
والجواب عن هذه الوجوه بأسرها أن نقول : إنها تدل على أن المركب من الحروف والكلمات والألفاظ والعبارات محدث وذلك لا نزاع فيه، إنما الذي ندعي قدمه شيء آخر فسقط هذا الاستدلال.


الصفحة التالية
Icon