مفاتيح الغيب، ج ٢٣، ص : ١٩٩
الجزء الثالث والعشرون
سورة الحج
سبعون وست آيات وهي مكية إلا ثلاث آيات هذانِ خَصْمانِ- إلى قوله- صِراطِ الْحَمِيدِ «١» بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ١ إلى ٢]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (١) يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (٢)
اعلم أنه تعالى أمر الناس بالتقوى فدخل فيه أن يتقي كل محرم ويتقي ترك كل واجب وإنما دخل فيه الأمران، لأن المتقي إنما يتقي ما يخافه من عذاب اللَّه تعالى فيدع لأجله المحرم ويفعل لأجله الواجب، ولا يكاد يدخل فيه النوافل لأن المكلف لا يخاف بتركها العذاب، وإنما يرجو بفعلها الثواب فإذا قال : اتَّقُوا رَبَّكُمْ فالمراد اتقوا عذاب ربكم.
أما قوله : إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ففيه مسائل :
المسألة الأولى : الزلزلة شدة حركة الشيء، قال صاحب «الكشاف» ولا تخلو الساعة من أن تكون على تقدير الفاعلة لها كأنها هي التي تزلزل الأشياء على المجاز الحكمي فتكون الزلزلة مصدرا مضافا إلى فاعله أو على تقدير المفعول فيها على طريقة الاتساع في الظرف وإجرائه مجرى المفعول به كقوله تعالى : بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ [سبأ : ٣٣] وهي الزلزلة المذكورة في قوله : إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها [الزلزلة : ١].
المسألة الثانية : اختلفوا في وقتها فعن علقمة والشعبي أن هذه الزلزلة تكون في الدنيا وهي التي يكون معها طلوع الشمس من مغربها. وقيل هي التي تكون معها الساعة. وروي عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في حديث الصور «إنه قرن عظيم ينفخ فيه ثلاث نفخات : نفخة الفزع، ونفخة الصعقة، ونفخة القيام لرب العالمين، وإن عند
(١) هكذا بالأصل المطبوع في المطبعة الأميرية، والذي في المصحف الملكي (سورة الحج مدنية إلا الآيات ٥٢، ٥٣، ٥٤، ٥٥ فبين مكة والمدينة وآياتها ٧٨ نزلت بعد النور) وفي تفسير أبي السعود بهامش الطبعة الأميرية لتفسير الفخر (سورة الحج مكية إلا ست آيات من هذانِ خَصْمانِ إلى صِراطِ الْحَمِيدِ وهي ثمان وسبعون آية).


الصفحة التالية
Icon