مفاتيح الغيب، ج ٢٤، ص : ٥٧٧
سورة القصص
مكية كلها إلا قوله الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ- إلى قوله- لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ وقيل إلا آية وهي إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ الآية وهي سبع أو ثمان وثمانون آية بسم اللَّه الرحمن الرحيم
[سورة القصص (٢٨) : الآيات ١ إلى ٦]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
طسم (١) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (٢) نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٣) إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٤)وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (٥) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ (٦)
اعلم أن قوله تعالى : طسم كسائر الفواتح وقد تقدم القول فيها وتِلْكَ إشارة إلى آيات السورة والْكِتابِ الْمُبِينِ هو إما اللوح وإما الكتاب الذي وعد اللَّه إنزاله على محمد صلى اللَّه عليه وسلم فبين أن آيات هذه السورة هي آيات ذلك الكتاب ووصفه بأنه مبين لأنه بين فيه الحلال والحرام، أو لأنه بين بفصاحته أنه من كلام اللَّه دون كلام العباد، أو لأنه يبين صدق نبوة محمد صلى اللَّه عليه وسلم أو لأنه يبين خبر الأولين والآخرين، أو لأنه يبين كيفية التخلص عن شبهات أهل الضلال.
أما قوله تعالى : نَتْلُوا عَلَيْكَ أي على لسان جبريل عليه السلام لأنه كان يتلو على محمد حتى يحفظه، وقوله : مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ فهو مفعول نَتْلُوا عَلَيْكَ أي نتلو عليك بعض خبرهما بالحق محقين، كقوله : تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ [المؤمنون : ٢٠] وقوله : لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ فيه وجهان : أحدهما : أنه تعالى قد أراد بذلك من لا يؤمن أيضا لكنه خص المؤمنين بالذكر لأنهم قبلوا وانتفعوا فهو كقوله : هُدىً لِلْمُتَّقِينَ