مفاتيح الغيب، ج ٢٧، ص : ٦٦٨
سورة الجاثية
ثلاثون وسبع آيات مكية بسم اللّه الرحمن الرحيم
[سورة الجاثية (٤٥) : الآيات ١ إلى ٦]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (٢) إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ (٣) وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٤)وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٥) تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ (٦)
[في قوله تعالى حم تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ] فيه مسائل :
المسألة الأولى : اعلم أن قوله حم، تَنْزِيلُ الْكِتابِ وجوها الأول : أن يكون حم مبتدأ وتَنْزِيلُ الْكِتابِ خبره وعلى هذا التقدير فلا بد من حذف مضاف، والتقدير تنزيل حم، تنزيل الكتاب، ومِنَ اللَّهِ صلة للتنزيل الثاني : أن يكون قوله حم في تقدير : هذه حم ثم نقول تَنْزِيلُ الْكِتابِ واقع من اللّه العزيز الحكيم الثالث : أن يكون حم قسما وتَنْزِيلُ الْكِتابِ نعتا له، وجواب القسم إِنَّ فِي السَّماواتِ والتقدير : وحم الذي هو تنزيل الكتاب أن الأمر كذا وكذا.
المسألة الثانية : قوله الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ يجوز جعلها صفة للكتاب، ويجوز جعلهما صفة للّه تعالى، إلا أن هذا الثاني أولى، ويدل عليه وجوه الأول : أنا إذا جعلناهما صفة للّه تعالى / كان ذلك حقيقة، وإذا جعلناهما صفة للكتاب كان ذلك مجازا والحقيقة أولى من المجاز الثاني : أن زيادة القرب توجب الرجحان الثالث : أنا إذا جعلنا العزيز الحكيم صفة للّه كان ذلك إشارة إلى الدليل الدال على أن القرآن حق، لأن كونه عزيزا يدل على كونه قادرا على كل الممكنات وكونه حكيما يدل على كونه عالما بجميع المعلومات غنيا عن كل الحاجات، ويحصل لنا من مجموع كونه تعالى : عزيزا حكيما كونه قادرا على جميع الممكنات، عالما بجميع المعلومات، غنيا عن كل الحاجات، وكل ما كان كذلك امتنع منه صدور العبث والباطل، وإذا كان كذلك كان ظهور المعجز