مفاتيح الغيب، ج ٢٨، ص : ١١٩
سورة ق
أربعون وخمس آيات مكية بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
[سورة ق (٥٠) : آية ١]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (١)ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ وقبل التفسير نقول ما يتعلق بالسورة وهي أمور :
الأول : أن هذه السورة تقرأ في صلاة العيد، لقوله تعالى فيها ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ [ق : ٤٢] وقوله تعالى : كَذلِكَ الْخُرُوجُ [ق : ١١] وقوله تعالى : ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ [ق : ٤٤] فإن العيد يوم الزينة، فينبغي أن لا ينسى الإنسان خروجه إلى عرصات الحساب، ولا يكون في ذلك اليوم فرحا فخورا، ولا يرتكب فسقا ولا فجورا، ولما أمر النبي صلى اللّه عليه وسلم بالتذكير بقوله في آخر السورة فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ [ق : ٤٥] ذكرهم بما يناسب حالهم في يومهم بقوله ق وَالْقُرْآنِ.
الثاني : هذه السورة، وسورة ص تشتركان في افتتاح أولهما بالحروف المعجم «١» والقسم بالقرآن وقوله بَلْ والتعجب، ويشتركان في شيء آخر، وهو أن أول السورتين وآخرهما متناسبان، وذلك لأن في ص قال في أولها وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ [ص : ١] وقال في آخرها إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ [ص : ٨٧] وفي ق قال في أولها وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ وقال في آخرها فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ [ق : ٤٥] فافتتح بما اختتم به.
والثالث : وهو أن في تلك السورة صرف العناية إلى تقرير الأصل الأول وهو التوحيد، بقوله تعالى :
أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً [ص : ٥] وقوله تعالى : أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ [ص : ٦] وفي هذه السورة إلى تقرير الأصل الآخر وهو الحشر، بقوله تعالى : أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ [ق : ٣] ولما كان افتتاح السورة في ص في تقرير المبدأ، قال في آخرها إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ [ص : ٧١] وختمه بحكاية بدء [خلق ] آدم، لأنه دليل الوحدانية. ولما كان افتتاح هذه لبيان الحشر، قال في آخرها يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ [ق : ٤٤] وأما التفسير، ففيه مسائل :
(١) يريد بالمعجم المعنى الأعم وإلا فإن ق حرف معجم أي منقوط وأما ص فهو حرف مهمل أي غير منقوط، والإعجام إذا أطلق صرف إلى النقط.