مفاتيح الغيب، ج ٢٨، ص : ١٩٨
سورة الطور
أربعون وتسع آيات مكية بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
[سورة الطور (٥٢) : الآيات ١ إلى ٦]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَالطُّورِ (١) وَكِتابٍ مَسْطُورٍ (٢) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (٣) وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (٤)
وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (٥) وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (٦)
هذه السورة مناسبة للسورة المتقدمة من حيث الافتتاح بالقسم وبيان الحشر فيهما، وأول هذه السورة مناسب لآخر ما قبلها، لأن في آخرها قوله تعالى : فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا [الذاريات : ٦٠] وهذه السورة في أولها فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ [الطور : ١١] وفي آخر تلك السورة قال : فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً [الذاريات : ٥٩] إشارة إلى العذاب وقال هنا إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ [الطور : ٧] وفيه مسائل :
المسألة الأولى : ما الطور، وما الكتاب المسطور؟ نقول فيه وجوه : الأول : الطور هو جبل معروف كلم اللّه تعالى موسى عليه السلام الثاني : هو الجبل الذي قال اللّه تعالى : وَطُورِ سِينِينَ [التين : ٢] الثالث : هو اسم الجنس والمراد القسم بالجبل غير أن الطور الجبل العظيم كالطود، وأما الكتاب ففيه أيضا وجوه : أحدها :
كتاب موسى عليه السلام ثانيها : الكتاب الذي في السماء ثالثها : صحائف أعمال الخلق رابعها : القرآن وكيفما كان فهي في رقوق، وسنبين فائدة قوله تعالى : فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ وأما البيت المعمور ففيه وجوه : الأول : هو بيت في السماء العليا عند العرش ووصفه بالعمارة لكثرة الطائفين به من الملائكة الثاني : هو بيت اللّه الحرام وهو معمور بالحاج الطائفين به العاكفين الثالث : البيت المعمور اللام فيه لتعريف الجنس كأنه يقسم بالبيوت المعمورة والعمائر المشهورة، وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ السماء، وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ، قيل الموقد يقال سجرت التنور، وقيل هو البحر المملوء ماء المتموج، وقيل هو بحر معروف في السماء يسمى بحر الحيوان.
المسألة الثانية : ما الحكمة في اختيار هذه الأشياء؟ نقول هي تحتمل وجوها : أحدها : إن الأماكن الثلاثة


الصفحة التالية
Icon