مفاتيح الغيب، ج ٢٨، ص : ٢٣١
سورة النجم
ستون وآيتان مكية بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
[سورة النجم (٥٣) : آية ١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَالنَّجْمِ إِذا هَوى (١)
وقبل الشروع في التفسير نقدم مسائل ثم نتفرغ للتفسير وإن لم تكن منه :
الأولى : أول هذه السورة مناسب لآخر ما قبلها لفظا ومعنى، أما اللفظ فلأن ختم الطور بالنجم، وافتتاح هذه بالنجم مع واو القسم، وأما المعنى فنقول : اللّه تعالى لما قال لنبيّه صلى اللّه عليه وسلم وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبارَ النُّجُومِ [الطور : ٤٩] بيّن له أنه جزأه في أجزاء مكايدة النبي صلى اللّه عليه وسلم، بالنجم وبعده فقال : ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى [النجم : ٢].
المسألة الثانية : السورة التي تقدمت وافتتاحها بالقسم بالأسماء دون الحروف وهي الصافات والذاريات، والطور، وهذه السورة بعدها بالأولى فيها القسم لإثبات الوحدانية كما قال تعالى : إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ [الصافات : ٤] وفي الثانية لوقوع الحشر والجزاء كما قال تعالى : إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ [الذاريات : ٥، ٦] وفي الثالثة لدوام العذاب بعد وقوعه كما قال تعالى : إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ ما لَهُ مِنْ دافِعٍ [الطور : ٧، ٨].
وفي هذه السورة لنبوة النبي صلى اللّه عليه وسلم لتكمل الأصول الثلاثة : الوحدانية، والحشر، والنبوة.
المسألة الثالثة : لم يقسم اللّه على الوحدانية ولا على النبوة كثيرا، أما على الوحدانية فلأنه أقسم بأمر واحد في سورة الصافات، وأما على النبوة فلأنه أقسم بأمر واحد في هذه السورة وبأمرين في سورة الضحى وأكثر من القسم على الحشر وما يتعلق به فإن قوله تعالى : وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى [الليل : ١] وقوله تعالى :
وَالشَّمْسِ وَضُحاها [الشمس : ١] وقوله تعالى : وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ [البروج : ١] إلى غير ذلك، كلها فيها الحشر أو ما يتعلق به، وذلك لأن دلائل الوحدانية كثيرة كلها عقلية كما قيل :
وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد
ودلائل النبوة أيضا كثيرة وهي المعجزات المشهورة والمتواترة، وأما الحشر فإمكانه يثبت بالعقل، وأما


الصفحة التالية
Icon