ج٨ص٢٣٣
أي لما آذوه حين عرض نفسه على القبائل بمكة، وهو مشهور فإن كانت في قصة أحد فالآية مدنية كما مرّت الإشارة إليه في أوّل السورة. قوله :( واللام دليلها ا لأنها لا تدخل بعد النافية، ولذا تسمى الفارقة على ما عرف عند النحاة والشزر بشين وزاي معجمتين ثم راء مهملة نظرا لغضبان بمؤخر عينه وهو معروف وقوله : يزلون قدمك أي يزيلون ثباتها ويرهقونها وهو من أبلغ المعاني وألطفها كقوله :
يتقارضون إذا التقوا في موطن نظراً يزل مواطئ الأقدام
قوله :( عيانون ) أي كثيرون في الإصابة بالعين يقال : عانه يعينه إذ نظر إليه فأثر نظره فيه،
وقد قيل : إنّ قراءة هذه الآية تدفع ضرر العين وقوله وفي الحديث الخ هو حديث صحيح ذكره السيوطي في الجامع الصغير من عدة طرق وقوله : لتدخل الخ عبارة عن إهلاك كل ما أصابته وفي العين وكونها حقا وردت أحاديث كثيرة. قوله :( ولعله يكون من خصائص بعض النفوس الخ ) هو لا ينافي مذهب أهل السنة من أن الإصابة بمحض خلق الله كما توهم فإنه لا مانع من خلقها في بعض دون بعض، وجعله مختصاً به بمحض خلقه كما خص السم بالعقرب والحية، وفي كتاب الروح تأثير النفس لا ينكر لا سيما عند تجرّدها من علائق البدن كمن نظر
إلى حجر عظيم فشقه أو إلى نعمة فأزالها وهو مما يشاهد على اختلاف الأعصار، ويضيفونه إلى العين باعتبار أن النفس تؤثر بواسطتها غالبا وقد لا يكون بواسطة كان يوصف له شيء فتتوجه له نفسه فتفسده انتهى ولا عبرة بإنكار بعض المبتدعة له، وقال بعض أصحاب الطبائع : إنه ينبعث من العين قوّة سمية تؤثر فيما نظره كما فصل في شرح مسلم، وقالط القاضي عياض يجتنب من عرف بذلك وينبغي للإمام حبسه ومنعه عن مخالطة الناس كفا لضرره فيرزقه من بيت المال، وقوله : ليرهقونك يحتمل الإهمال والإعجام وقوله : حيرة الخ أي لا جهلا به فإنهم يعلمون أنه أعقل الناس، وقوله : وما هو الخ جملة حالية من فاعل يقولون والرابط الواو فقط أو من عموم العالمين الشامل لهم، وقوله : جننوه أي نسبوه للجنون بواسطة تسليط الجن عليه بزعمهم لأجل نزول القرآن، المعجز عليه لقولهم : إنه كهانة والقاء عليه من الجن وقوله : بين الخ إشارة إلى أنه تكذيب من الله لهم، قوله وعن النبي حديث موضوع. تمت السورة والحمد لله وأفضل صلاة وسلام على أفضل الأنام وآله وصحبه الكرام.
سورة الحاقة
لم يختلف في نزولها وعدد آياتها.

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله :( أي الساعة ) والقيامة المعروفة لأنها تسمى ساعة فهي اسم جامد، وقوله : أو الحالة التي يحق بكسر الحاء وضمها من باب ضرب وكتب ومعناه يتحقق ويجب فهي صفة لموصوف مقدر، وتفسيرها هنا بيليق لا يليق وكذا معنى قوله : تحق فيها الأمور أي تتحقق بصيغة المعلوم والمجهول من حققته إذا عرفت حقيقته وهو على الأوّل لازم على الأخير متعد. قوله :( أو يقع فيها حواق الأمور ) أي ثوابتها وواجباتها، وقيل أوساطها وهو عطف على قوله تعرف حقيقتها ولم يذكره عقب الأوّل لاشتراكهما في كون الحاقة من حق الشيء اللازم إذا ثبت ليظهر تعلق قوله : على الإسناد المجازي به أيضا ولا يتوهم اختصاصه بالثاني كما في انكشاف، ولم يلتفت لنقدير المضاف فيه على الثاني أي ذو الحاقة لأنه ليس من تسمية الشيء باسم ملابسه فإنه ذا الحاقة هو الله تعالى وتقليل التأويل أولى، وما قيل من أنه جعل الفعل للساعة مجازاً وهو لأهلها على الوجه الأخير وعلى الثاني يحتمل الإسناد المجازي أيضا لأن الثبوت والوجوب لما فيها فالإسناد إلى الزمان مجازي، ويحتمل أن يراد ذو الحاقة بتسمية الشيء باسم ملابسه وهذا أرجح لأنّ الساعة وما فيها سواء في وجوب الثبوت فتضعف قرينة الإسناد المجازي والتجوّز فيه تصوير ومبالغة فقيل : إنه جعله أرجح لأنّ ظاهر ما ذكره يمنع من الحمل على الإسناد المجازي لأنّ المساواة الواقعية لا تنافي قصد المبالغة في أحد المتساويين لداع


الصفحة التالية
Icon