ج٨ص٢٥٣
الملاحظ في معناه هذا أو هذا، فعلى الأوّل معناه لا تدع فيها من يسكن داراً، وعلى الثاني من يدور ويتحرّك على الأرض، ومن لم يفهم المراد منه، قال الدار أيضا مشتقة من الدور، فإنه اسم لما أدير عليه حائط من الأرض، وما فعل بسيد قلب الواو ياء لاجتماعها مع ياء ساكنة، كما هو معروف في التصريف. قوله :( لأفعال وإلا لكان دوارا ) إذ لا داعي للقلب حينئذ، وكذا وزن تدير تفيعل لا تفعل، ولما ذكره في المفصل خطئ فيه، وفيه كلام مفصل في شروحه، وقول نوح لا تذر على الأرض الخ، لا يردانه يقتضي عموم بعثته لأهل الأرض، وقد ثبت في الأحاديث أنّ عموم الرسالة مخصوص بنبينا ﷺ، لأنه ليس كعموم بعثة محمد-ش!ر، بل لانحصار أهل الأرض إذ ذاك في قومه كانحصار دعوة آدم عليه الصلاة والسلام لأولاده، فهو ضروري وليس عموما من كل وجه، وفيه كلام مفصل في شرح البخاري. قوله :( إلا فاجراً كفارا ) من جبل على الكفر، أو هو من مجاز الأول وقوله : لما جرّبهم الخ، وقيل علمه بوحي كقوله :﴿ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ ﴾ [ سورة هود، الآية : ٣٦ ] وقوله : لمك بفتح اللام والميم، وفي جامع الأصول والإتقان إنه ساكن الميم، وفيه لغة أخرى لامك كهاجر، ومتوشلخ بضم الميم وفتح التاء الفوقية وفتح الواو وسكون الشين المعجمة وكسر اللام وبالخاء المعجمة كما في جامع الأصول، وفي الإتقان إنه بفتح الميم وتشديد التاء المضمومة وسكون الواو وفتح الشين واللام، وقوله : شمخا الخ هي أمه وهي بالشين والخاء المعجمتين بوزن سكري، وأنوس بالإعجام بوزن فعول، وقيل : إنه
استغفر ربه لما دعا عليهم لأنه انتقام منهم، ولا يخفى أنّ السياق يأباه، وقوله : كأنا مؤمنين أي أبواه، ولولا ذلك لم يجز الدعاء لهما بالمغفرة، وقوله : وعن النبي الخ، هو حديث موضوع تمت السورة رب اغفر لي ببركتها ولمن دخل بيتي من المؤمنين والمؤمنات، وآدم نوامي صلواتك وسلامك على محمد وآله وصحبه في البكر والعشيات.
سورة الجن
وتسمى قل أوحي إليئ ولا خلاف في كونها مكية ولا في عدد آياتها.
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله :( وقرئ احي الخ ) يقال : وحي وأوحى بمعنى، وقلب الواو المضمومة أو المضمومما قبلها همزة مقيس مطرد، وقد يرد في المكسورة كوشاح وأشاج، والمفتوحة كوحد واحد، وقوله : فاعله يعني نائب فاعله لأنه يسمى فاعلاً أيضا. قوله :( والنفر ما بين الثلاثة إلى العشرة ( هذا هو المشهور، وهو باعتبار الأغلب فإنه يطلق على ما فوق العشرة في الكلام الفصيح، وذكره صاحب القاموس وغيره من أهل اللغة، وفي كلام الشعبي حدثني بضعة عشر نفرا، ولا يختص بالرجال بل ولا بالناس لإطلاقه على الجن هنا، وفي المجمل الرهط والنفر يستعمل إلى الأربعين وقد أشبعنا الكلام فيه في شرح الدرة، فما قيل من أن قوله في السراجية أصحاب هذه السهام اثنا عشر نفراً تجوّزا وسهو من قلة التتبع وقصور النظر. قوله :( والجن أجسام الخ ( واحد الجن جني كروم ورومي، وقوله : خفية أي قابلة للخفاء، وهر من شأنها إلا أنها لا ترى أصلا حتى يخالف مذهب أهل الحق، ومرض القولين الأخيرين لضعفهما ومخالفتهما لأقوال السلف، وظاهر الآيات والأحاديث، وقوله النارية لقوله تعالى :﴿ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ ﴾ [ سورة الرحمن، الآية : ١٥ ]. قوله :( وفيه ( أي فيما ذكر هنا دلالة على أنه-لمجي! ما رآهم، ووجه الدلالة على عدم رؤية هؤلاء المذكورين هنا ظاهر للتصريح بأنه علم استماعهم له بالوحي لا بالمشاهدة، وقد وقع في الأحاديث إنه رآهم، وجمع بين ذلك بتعدد القصة، قال في آكام المرجان ما محصله في الصحيحين في حديث ابن عباس ما قرأ رسول الله-شح! على الجن ولا رآهم، وإنما انطلق بطائفة من الصحابة لسوق عكاظ، وقد حيل بين الجن والسماء بالشهب، فقالوا : ما ذاك إلا لشيء حدث فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها، فمرّ من ذهب لتهامة، منهم به ﷺ وهو يصلي الفجر فلما استمعوا له، قالوا : هذا الذي حال بيننا وبين السماء، ورجعوا إلى قومهم، وقالوا :﴿ يَا قَوْمَنَا ﴾ ( ١! الخ، فأنزل الله عليه :﴿ قُلْ أُوحِيَ ﴾ الخ، ثم قال : ونفى