هؤلاء، يقولون: إنما الناس كالزرع يحصد هذا، وينبت هذا، يقولون: يموت هؤلاء، ويأتي آخرون، وقرأ: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) وقرأ: (لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ).
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿إِنْ هُوَ إِلا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (٣٨) قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (٣٩) قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ (٤٠) ﴾
يقول تعالى ذكره: قالوا ما صالح إلا رجل اختلق على الله كذبا في قوله: (مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) وفي وعده إياكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مُخرجون. وقوله: (هُوَ) من ذكر الرسول، وهو صالح. (وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ) يقول: وما نحن له بمصدقين فيما يقول: إنه لا إله لنا غير الله، وفيما يعدنا من البعث بعد الممات. وقوله: (قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ) يقول: قال صالح لما أيس من إيمان قومه بالله، ومن تصديقهم إياه بقولهم: (وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ) ربّ انصرني على هؤلاء بما كذّبون يقول: بتكذيبهم إياي فيما دعوتهم إليه من الحقِّ، فاستغاث صلوات الله عليه بربه من أذاهم إياه، وتكذيبهم له، فقال الله له مجيبًا في مسألته إياه ما سأله: عن قليل يا صالح ليصبحن مكذبوك من قومك على تكذيبهم إياك نادمين، وذلك حين تَنزل بهم فتنتنا فلا ينفعهم الندم.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٤١) ﴾
يقول تعالى ذكره: فانتقمنا منهم، فأرسلنا عليهم الصيحة، فأخذتهم بالحقّ، وذلك أن الله عاقبهم باستحقاقهم العقاب منه بكفرهم به، وتكذيبهم رسوله (فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً) يقول: فصيرناهم بمنزلة الغثاء، وهو ما ارتفع على السيل ونحوه، كما لا ينتفع به في شيء فإنما هذا مثل، والمعنى: فأهلكناهم فجعلناهم كالشيء الذي لا منفعة فيه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) يقول: جعلوا كالشيء