تفسير التستري، ص : ٧٨
السورة التي يذكر فيها هود عليه السلام
[سورة هود (١١) : آية ١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (١)
قوله تعالى : فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ [١] أي بيّن فيها الوعد على الطاعة، والوعيد بالعقاب على المعصية والإصرار عليها.
[سورة هود (١١) : آية ٣]
وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (٣)
قوله : وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ [٣] قال : الاستغفار هو الإجابة، ثم الإنابة ثم التوبة، ثم الاستغفار فالإجابة بالظاهر، والإنابة بالقلب، والتوبة مداومة الاستغفار من تقصيره فيها «١».
قوله : يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً [٣] قال : ترك الخلق والإقبال على الحق.
[سورة هود (١١) : آية ١٥]
مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ (١٥)
قوله : مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ [١٥] قال : يعني من أراد بعلمه غير اللّه آتاه اللّه أجر عمله في الدنيا، فلا يبقى له في الآخرة شيء، لأنه لم يخلص بعمله للّه لما أحب له من المنزلة في الدنيا، ولو علم أن اللّه سخر الدنيا وأهلها لطلاب الآخرة لم يراء بعلمه. وقد قيل لسهل : أي شيء أشد على النفس؟ فقال : الإخلاص. قيل : ولم ذلك؟
فقال : لأنه ليس للنفس فيه نصيب. وسئل : هل يدخل الفرائض رياء؟ فقال : نعم، قد دخل الإيمان الذي هو أصل الفرائض حتى أبطله وصار نفاقا، فكيف العمل، فكل من لم يعب أحد عليه في ظاهره، ويعلم اللّه خلافه من سره في أي حال كان، فهو المرائي الذي لا شك فيه.
[سورة هود (١١) : آية ٢٣]
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٣)
قوله تعالى : وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ [٢٣] أي خشعت قلوبهم إلى ربهم، وهو الخشية، فالخشوع ظاهر والخشية سر، كما قال الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم :«لو خشع قلبه لخشعت جوارحه» «٢». فقد حكي أن موسى صلوات اللّه عليه قص في بني إسرائيل، فمزق واحد منهم قميصه، فأوحى اللّه تعالى إلى موسى أن قل له : مزق لي قلبك ولا تمزق لي ثيابك «٣».
________
(١) قوت القلوب ١/ ٣٣٥.
(٢) نوادر الأصول ٣/ ٢١٠، ٤/ ٢٤.
(٣) صفوة الصفوة ٣/ ٢٦٥ وكتاب الزهد لابن أبي عاصم ص ٨٧ وفيض القدير ١/ ٧٩.


الصفحة التالية
Icon