تفسير التستري، ص : ١١٣
السورة التي يذكر فيها الفرقان
[سورة الفرقان (٢٥) : آية ١]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً (١)قوله تعالى : تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ [١] قال سهل : يعني جلّ وعلا من خصّ محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم بإنزال الفرقان عليه ليفرق بين الحق والباطل، والولي والعدو، والقريب والبعيد، عَلى عَبْدِهِ [١] أي على عبده الأخلص ونبيه الأخصّ وحبيبه الأدنى وصفيه الأولى، لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً [١] أي يكون للخلق سراجا ونورا نهدي به إلى أحكام القرآن، ويستدلون به على طريق الحق ومنهاج الصدق.
[سورة الفرقان (٢٥) : آية ٢٠]
وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً (٢٠)
قوله : وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً [٢٠] قال :
إن اللّه تعالى أمر بالصبر على ما جعل للإنسان فيه فتنة، ومن ذلك قلة الإطراق إلى ما في أيدي الناس.
وقد روى أبو أيوب «١» عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أنه أتاه رجل فقال :«إذا قمت إلى صلاتك فصلّ صلاة مودع ولا تكلمن بكلام تعتذر منه غدا، واجمع اليأس مما في أيدي الناس» «٢»، وقد كان السلف يغتنمون ذلك حتى حكي عن حذيفة «٣» أنه قال : إن أقرّ أيامي لعيني ليوم أرجع إلى أهلي، فيشكون إلي الحاجة، وذلك أني سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول :«إن اللّه ليحمي عبده المؤمن من الدنيا كما يحمي المريض أهله الطعام والشراب، وإن اللّه ليتعاهد المؤمن بالبلاء كما يتعاهد الوالد ولده بالخير» «٤».
________
(١) أبو أيوب : خالد بن زيد بن كليب، أبو أيوب الأنصاري (...- ٥٢ ه) : صحابي، شهد بدرا وأحدا وسائر المشاهد. كان شجاعا صابرا تقيا محبا للغزو والجهاد. (الحلية ١/ ٣٦١).
(٢) سنن ابن ماجة : باب الحكمة، ٤١٧١ ومسند أحمد ٥/ ٤١٢ والمعجم الكبير ٩/ ١٥٤. [.....]
(٣) حذيفة بن اليمان (حسل) بن جابر العبسي (...- ٣٦ ه) : صحابي، من الولاة الشجعان الفاتحين. كان صاحب سر النبي صلّى اللّه عليه وسلّم في المنافقين. (الحلية ١/ ٢٧٠).
(٤) شعب الإيمان ٧/ ٣٢١ وفيض القدير ٢/ ٢٦٠.