تفسير التستري، ص : ١٣٠
السورة التي يذكر فيها يس صلّى اللّه عليه وسلّم
[سورة يس (٣٦) : آية ١١]
إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (١١)
قوله تعالى : إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ [١١] قال : من عبد اللّه في سره أورثه اليقين، ومن عبد اللّه بصدق اللسان لم يستقر قلبه دون العرش، ومن عبد اللّه بالإنصاف كانت السماوات والأرض في ميزانه. قيل : وما الإنصاف؟ قال : الإنصاف أن لا تتحرك جميع أعضائك إلا للّه، ومتى طالبته برزق الغد فقد ذهب إنصافك، لأن القلب لا يحمل همين، والإنصاف بينك وبين الخلق أن تأخذ بالفضل، فإذا طلبت الإنصاف فلست بمنصف.
وحكي عن يحيى وعيسى عليهما السلام أنهما خرجا يمشيان، فصدم يحيى امرأة، فقال له عيسى : يا ابن خالتي، لقد أصبت اليوم خطيئة، ما أرى اللّه يغفرها لك. قال : وما هي؟ قال :
صدمت امرأة. قال : واللّه ما شعرت بها. قال عيسى : سبحان اللّه، بدنك معي، فأين قلبك؟
قال : معلق بالعرش، ولو أن قلبي اطمأن إلى جبريل صلوات اللّه عليه طرفة عين، لظننت أني ما عرفت اللّه عزّ وجلّ.
[سورة يس (٣٦) : آية ٢٢]
وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٢)
قوله : وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي [٢٢] وسئل عن خير العبادات فقال : الإخلاص لقوله : وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [البينة : ٥] ولا يخلص العمل لأحد، ولا تتم عبادته وهو يفر من أربع : الجوع والعري والفقر والذلة، وإن اللّه تعالى استعبد الخلق بهذه الثلاث : العقل والروح والقوة، وإذا خاف على اثنين منها، ذهاب عقله وذهاب روحه، تكلف لها بشيء، وأما القوة فلا يتكلف لها ولا يفطن لها، وإن صلى جالسا.
[سورة يس (٣٦) : آية ٦٦]
وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (٦٦)
قوله : وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ [٦٦] قال : يعني ولو نشاء لفقأنا أعين قلوبهم التي يبصرون الكفر وطريقه، فيبصرون طريق الإسلام، ولا يبصرون غيره، فَأَنَّى يُبْصِرُونَ [٦٦] طريق الإسلام، ولم يفعل ذلك.
[سورة يس (٣٦) : آية ٦٩]
وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (٦٩)
قوله : إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ [٦٩] قال : هو الذكر والتفكر.
واللّه سبحانه وتعالى أعلم.