تفسير التستري، ص : ١٦٥
السورة التي يذكر فيها الحشر
[سورة الحشر (٥٩) : آية ٢]
هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ (٢)
قوله تعالى : يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ [٢] قال : أي يخربون قلوبهم ويبطلون أعمالهم باتباعهم البدع وهجرانهم طريقة الاقتداء بالنبيين.
يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ [٢] أي بمجانبة المؤمنين ومشاهدتهم ومجالستهم فيحرمون بركاتهم.
فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ [٢] فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ [فاطر : ٨] بالخذلان وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ [فاطر : ٨] بالمعونة، وليس لكم من الأمر شيء.
[سورة الحشر (٥٩) : آية ٧]
ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٧)
قوله تعالى : وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [٧] قال : أصول مذهبنا ثلاث : أكل الحلال، والاقتداء بالرسول صلّى اللّه عليه وسلّم في الأخلاق والأفعال، وإخلاص النية في جميع الأعمال «١».
وقال : ألزموا أنفسكم ثلاثة أشياء، فإن خير الدنيا والآخرة فيها : صحبتها بالأمر والنهي بالسنة، وإقامة التوحيد فيها وهو اليقين، وعلما فيه اتصال الروح، وصاحب هذه الثلاثة أعلم بما في بطن الأرض مما على ظهرها، ونظره في الآخرة أكثر من نظره في الدنيا، وهو في السماوات أشهر بين الملائكة منه في الأرض بين أهله وقرابته. فقيل : ما العلم الذي فيه إيصال الروح؟ قال :
علم قيام اللّه عليه والرضا.
[سورة الحشر (٥٩) : آية ٩]
وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٩)
قوله تعالى : وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ [٩] قال : يعني مجاعة وفقرا. تقول العرب : فلان مخصوص إذا كان فقيرا، فيؤثرون رضا اللّه على هواهم، والإيثار شاهد الحب.
وقد حكي عن وهيب بن الورد «٢» أنه قال : يقول اللّه تعالى :«وعزتي وعظمتي وجلالي، ما من عبد آثر هواي على هواه إلا قللت همومه وجمعت عليه ضيعته، ونزعت الفقر من قلبه،
________
(١) تقدم في تفسير الآية (٧١) من سورة التوبة أنه قال :(أصولنا مذهبنا ستة أشياء) وانظر أيضا طبقات الصوفية ١/ ١٧٠.
(٢) وهيب بن الورد بن أبي الورد المخزومي، بالولاء، (...- ١٥٣ ه) : من العباد الحكماء. من أهل مكة.
ووفاته بها. (الحلية ٨/ ١٤٠).


الصفحة التالية
Icon