تفسير التستري، ص : ١٦٨
السورة التي يذكر فيها الجمعة
[سورة الجمعة (٦٢) : الآيات ٢ الى ٣]
هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢) وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣)
قوله تعالى : هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ [٢] قال : الأميون هم الذين صدقوا محمد صلّى اللّه عليه وسلّم، نسبوا إليه لاتباعهم إياه واقتدائهم به، ومن لم يقتد به فليس من أمته.
قوله تعالى : وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ [٣] يعني الذين جاؤوا من بعده فآمنوا به واتبعوه يلحقهم اللّه بأولهم.
[سورة الجمعة (٦٢) : آية ١١]
وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً قُلْ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (١١)
قوله تعالى : وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها [١١] قال : من شغله عن ربه شيء من الدنيا والآخرة فقد أخبر عن خسّة طبعه ونذالة همته، لأن اللّه قد فتح له الطريق، وأذن له في مناجاته، فاشتغل بما يفنى، ولم يكن عالما بمن لم يزل، ولا يزال.
قوله تعالى : قُلْ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ [١١] قال : يعني ما ادخر لكم في الآخرة من جزيل العطايا واللذة الباقية، خير مما أعطاكم من الدنيا.
واللّه سبحانه وتعالى أعلم.
السورة التي يذكر فيها المنافقون
[سورة المنافقون (٦٣) : آية ١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ (١)
قوله تعالى : وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ [١] قال : لأنهم أقروا بألسنتهم ولم يعرفوا بقلوبهم، فلذلك سماهم منافقين. ومن عرف بقلبه، وأقر بلسانه، ولم يعمل بأركانه ما فرض اللّه عليه من غير عذر، كان كإبليس لعنه اللّه، عرفه وأقربه ولم يعمل بأمره. قال : والنفاق على ضربين، عقد بالقلب وإظهار خلافه باللسان، كما قال تعالى : يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ [الفتح : ١١] والضرب الآخر نفاق نفس الطبع مع صاحبها، وهو الذي قال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم :
«الشرك الخفي في أمتي أخفى من دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء» «١».
[سورة المنافقون (٦٣) : آية ٩]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٩)
قوله تعالى : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ [٩] عن أداء الفرائض في مواقيتها، فإن من شغله عن ذكر اللّه وخدمته عرض من عروض الدنيا شيئا لشهوته، ووجد في عبادته نشاطا فهو مخدوع، إلا الذي يأخذها اللّه عزّ وجلّ.
وقد حكي أن سلمان دخل عليه سعد بن أبي وقاص «٢» رضي اللّه عنه يعوده فبكى سلمان فقال : ما يبكيك يا أبا عبد اللّه، توفي سيدنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو عنك راض، وتلقى أصحابك وترد حوضه. فقال سلمان : أما إني لست أبكي جزعا على الموت، ولا حرصا على الدنيا، ولكن
________
(١) تقدم الحديث مع تفسير الآية (١٠٦) من سورة يوسف.
(٢) سعد بن أبي وقاص مالك بن أهيب القرشي الزهري (٢٣ ق. ه- ٥٥ ه) : الصحابي الأمير، فاتح العراق ومدائن كسرى. أحد العشرة المبشرين بالجنة. (الحلية ١/ ٩٢).


الصفحة التالية
Icon