تفسير التستري، ص : ١٩٥
و بينه قرابة، والعقبة الأخرى : المعرفة لا يقدر العارف عليها إلا بحول اللّه وقوته على عتق رقبة نفسه عن الهوى،
[سورة البلد (٩٠) : الآيات ١٤ الى ١٥]
أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ (١٥)
أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ [١٤] ضرورة الإيمان قواما، لا ظلما وطغيانا بلذة نفس الطبع.
يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ [١٥] فاليتيم هاهنا القلب، طعامه الوفاء، والمسكين العارف المتحير، فطعامه ألطافه ذا مقربة عند اللّه وعند الخلق ذا مَتْرَبَةٍ [١٦].
[سورة البلد (٩٠) : الآيات ١٧ الى ١٨]
ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (١٧) أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (١٨)
قوله تعالى : وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ [١٧] قال : يعني بالصبر على أمر اللّه، والتراحم بين الخلق.
وقد سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ما الإسلام؟ فقال :«الصبر والسماح. فقيل : ما الإيمان؟ فقال :
طيب الكلام وإطعام الطعام» «١». قال سهل : وأطيب الكلام ذكر اللّه تعالى.
أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ [١٨] قال : يعني الميامنين على أنفسهم من أهوال ذلك اليوم، لا يحسون بدونه، كما كانوا في الدنيا حياة بحياة، وأزلية بأزلية، وسرا بسر.
واللّه سبحانه وتعالى أعلم.
السورة التي يذكر فيها الشمس
[سورة الشمس (٩١) : الآيات ٣ الى ٤]
وَالنَّهارِ إِذا جَلاَّها (٣) وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها (٤)
قوله تعالى : وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها [٣] قال : يعني نور الإيمان يجلي ظلمة الجهل، ويطفئ لهيب النار.
وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها [٤] قال : يعني الذنوب والإصرار عليها يغشى نور الإيمان، فلا يشرق في القلب، ولا يظهر أثره على الصفات، كما قال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم :«إن الهوى والشهوة يغلبان العلم والعقل» «٢» والبيان، لسابق القدرة من اللّه عزّ وجلّ.
[سورة الشمس (٩١) : الآيات ٩ الى ١٠]
قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها (٩) وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها (١٠)
قوله تعالى : قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها [٩] قال : أفلح من رزق النظر في أمر معاده.
وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها [١٠] قال : خسرت نفس أغواها اللّه عزّ وجلّ، فلم تنظر في أمر معاده.
واللّه سبحانه وتعالى أعلم.
________
(١) في اعتقاد أهل السنة ٤/ ٨٤٦ :(قيل للحسن : ما الإيمان؟ قال : الصبر والسماح. قال : الصبر عن محارم اللّه، بفرائض اللّه).
(٢) تقدم الحديث في تفسير سورة البقرة، والآية (٢٦) من سورة ص، وهو من قول الحارث بن أسد في الحلية ١٠/ ٨٨.