تفسير التستري، ص : ١٩٩
و حكى أبو عمرو بن العلاء فقال :«هربنا من الحجاج «١» فدخلنا البادية فأقمنا بها دهرا نتردد من حي إلى حي، فبينا أنا خارج في بعض الأحياء ذات غداة متوزع الخاطر مبهم القلب ضيق الصدر، إذ سمعت شيخا من الأعراب مجتازا يقول «٢» :[من الخفيف ]
صبّر النّفس ينجلي كلّ همّ إنّ في الصبر حيلة المحتال
ربّما تكره النفوس من الشيء له فرجة كحلّ العقال
فلم يستتم الشيخ إنشاد البيتين حتى رأيت فارسا من بعيد ينادي : قد مات الحجاج. قال : فسألت الشيخ عن الفرجة، فقال : الفرجة بضم الفاء : في الحائط والعود ونحوهما، والفرجة بفتح الفاء :
في الأمر من الشدة والنوائب. قال أبو عمرو : فلم أدر بأيهما كنت أشد سرورا، بموت الحجاج أم بهذه الفائدة «٣».
واللّه سبحانه وتعالى أعلم.
السورة التي يذكر فيها التين
[سورة التين (٩٥) : الآيات ٤ الى ٦]
لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤) ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ (٥) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٦)
قوله تعالى : لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ [٤] قال : أي في أحسن قامة وأحسن صورة.
ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ [٥] يعني نقلناه من حال إلى حال حتى أدركه الهرم.
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ [٦] في شبابهم، فإنهم إذا ضعفوا وشاخوا أمرنا الملائكة تكتب لهم الأعمال التي كانت تكتب لهم حال شبابهم.
فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ [٦] أي لا ينقطع عنهم أجور أعمالهم وإن ضعفوا عنها.
واللّه سبحانه وتعالى أعلم.
________
(١) الحجاج بن يوسف بن الحكم الثقفي (٤٠- ٩٥ ه) : قائد، داهية، خطيب. ثبتت له إمارة العراق عشرين سنة. (الأعلام ٢/ ١٦٨). [.....]
(٢) البيتان لعبيد بن الأبرص في ديوانه ص ١١١- ١١٢ ولأمية بن أبي الصلت في ديوانه ص ٤٤٤ وله أو لحنيف بن عمير أو لنهار ابن أخت مسيلمة الكذاب في شرح شواهد المغني ٢/ ٧٠٧.
(٣) شرح شواهد المغني ٢/ ٧٠٧ وخزانة الأدب ٢/ ٥٤٤.