تفسير التستري، ص : ٢٠١
السورة التي يذكر فيها البينة
[سورة البينة (٩٨) : آية ٥]
وَما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (٥)
قوله تعالى : وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [٥] قال : العلم كله في الحركات حتى يصير إلى الإخلاص، فإذا بلغ إلى الإخلاص صار طمأنينة، فمن كان علمه يقينا وعمله إخلاصا أذهب اللّه عنه ثلاثة أشياء، الجزع والجهل والعمل، وأعطاه بدل الجزع الصبر، وبدل الجهل العلم، وبدل العلم ترك الاختيار، ولا يكون هذا إلا للمتقين.
قيل : وما الإخلاص؟ قال : الإجابة، فمن لم تكن له الإجابة فلا إخلاص له.
وقال : الإخلاص على ثلاث معان : إخلاص العبادة للّه، وإخلاص العمل له، وإخلاص القلب له.
[سورة البينة (٩٨) : آية ٨]
جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (٨)
قوله تعالى : ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ [٨] قال : الخشية سر، والخشوع علانية، من خشعت جوارحه لم يقربه الشيطان. قيل : فما الخشوع؟ قال : الوقوف بين يدي اللّه، والصبر على ذلك. قال : وكمال الخشية ترك الآثام في السر والعلانية.
واللّه سبحانه وتعالى أعلم.
السورة التي يذكر فيها الزلزلة
[سورة الزلزلة (٩٩) : الآيات ٦ الى ٨]
يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ (٦) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)
قوله تعالى : يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً [٦] قال : يتبع كل أحد ما كان يعتمده، فمن اعتمد فضل اللّه اتبع فضله، ومن اعتمد عمله اتبع عمله، ومن اعتمد الشفاعة اتبع الشفاعة.
قوله تعالى : فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ [٧] قال : لما نزلت هذه الآية خطب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال في خطبته :«ألا وإن الدنيا عرض حاضر، يأكل منه البر والفاجر، ألا وإن الآخرة أجل صادق، يقضي فيها ملك قادر، ألا وإن الخير كله بحذافيره في الجنة، ألا وإن الشر كله بحذافيره في النار، ألا فاعلموا وأنتم من اللّه على حذر، واعلموا أنكم معروضون على أعمالكم فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [٧- ٨]» «١».
قال أبو الدرداء رضي اللّه عنه : إتمام التقوى أن يتقي اللّه عبده، حتى يتقيه في مثقال ذرة، حتى يترك بعض ما يرى أنه حلال، خشية أن يكون حراما يكون حجابا بينه وبين الحرام «٢».
________
(١) الحلية ١/ ٢٦٤- ٢٦٥ وكتاب الأم ١/ ٢٠٢.
(٢) الزهد لابن مبارك ١/ ١٨.