سورة المزمل صلى الله عليه وسلم
مكية [إلا الآيات ١٠ و١١ و٢٠ فمدنية] وآياتها ١٩ وقيل ٢٠ [نزلت بعد القلم ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة المزمل (٧٣) : الآيات ١ إلى ٤]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً (٢) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (٣) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً (٤)
الْمُزَّمِّلُ المتزمّل، وهو الذي تزمّل في ثيابه : أى تلفف بها، بإدغام التاء في الزاى :
ونحوه : المدثر في المتدثر. وقرئ : المتزمّل على الأصل والمزمل بتخفيف الزاى وفتح الميم وكسرها. على أنه اسم فاعل أو مفعول، من زمله، وهو الذي زمله غيره أو زمل نفسه وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نائما بالليل متزمّلا في قطيفة، فنبه ونودي بما يهجن إليه «١» الحالة التي كان عليها من التزمل في قطيفته واستعداده للاستثقال في النوم، كما يفعل من لا يهمه أمر ولا يعنيه شأن. ألا ترى إلى قول ذى الرمّة :
وكائن تخطّت ناقتي من مفازة ومن نائم عن ليلها متزمّل «٢»
__
(١). قال محمود :«هو المتلفف في ثيابه كالمدثر ونودي بما يهجن إليه... الخ» قال أحمد : أما قوله الأول أن نداءه بذلك تهجين للحالة التي ذكر أنه كان عليها واستشهاده بالأبيات المذكورة. فخطأ وسوء أدب. ومن اعتبر عادة خطاب اللّه تعالى له في الإكرام والاحترام : علم بطلان ما تخيله الزمخشري، فقد قال العلماء : أنه لم يخاطب باسمه نداء، وأن ذلك من خصائصه دون سائر الرسل إكراما له وتشريفا، فأين تداؤه بصيغة مهجنة من نسائه، باسمه، واستشهاده على ذلك بأبيات قيلت ذما في جفاة حفاة من الرعاء، فأنا أبرأ إلى اللّه من ذلك وأربأ به صلى اللّه عليه وسلم، ولقد ذكرت بقوله :
أوردها سعد وسعد مشتمل
ما وقعت عليه من كلام ابن خروف النحوي يرد على الزمخشري ويخطئ رأيه في تصنيفه المفصل، وإجحامه في الاختصار بمعاني كلام سيبويه، حتى سماه ابن خروف : البرنامج، وأنشد عليه :
أوردها سعد وسعد مشتمل ما هكذا تورد يا سعد الإبل
وأما ما نقله أن ذلك كان في مرط عائشة رضى اللّه عنها فبعيد، فان السورة مكية، وبنى النبي صلى اللّه عليه وسلم على عائشة رضى اللّه عنها بالمدينة. والصحيح في الآية ما ذكره آخرا، لأن ذلك كان في بيت خديجة عند ما لقبه جبريل أول مرة، فبذلك وردت الأحاديث الصحيحة، واللّه أعلم. [.....]
(٢). لذي الرمة. وكائن : بمعنى كم الخيرية، والأكثر استعمالها مع «من» كقول : وكائن من كذا. والمتزمل المتلفف في ثيابه عند كثرة النوم، يقول : كثيرا من المفاوز تخطته ناقتي وسارته، وكثيرا من نائم وغافل عن ليلها - أى : المفازة أو الناقة - متكاسل عما فيه من عظائم الأمور، فالمتزمل كناية عن ذلك.


الصفحة التالية
Icon