سورة المرسلات
مكية، [إلا آية ٤٨ فمدنية] وآياتها ٥٠ [نزلت بعد الهمزة] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة المرسلات (٧٧) : الآيات ١ إلى ٦]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً (١) فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً (٢) وَالنَّاشِراتِ نَشْراً (٣) فَالْفارِقاتِ فَرْقاً (٤)
فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً (٥) عُذْراً أَوْ نُذْراً (٦)
أقسم سبحانه بطوائف من الملائكة، أرسلهنّ بأوامره فعصفن في مضيهن كما تعصف الرياح، تخففا في امتثال أمره، وبطوائف منهم نشرن أجنحتهن في الجو عند انحطاطهن بالوحي. أو نشرن الشرائع في الأرض. أو نشرن النفوس الموتى بالكفر والجهل بما أوحين، ففرّقن بين الحق والباطل، فألقين ذكرا إلى الأنبياء عُذْراً للمحقين أَوْ نُذْراً للمبطلين. أو أقسم برياح عذاب أرسلهن. فعصفن، وبرياح رحمة نشرن السحاب في الجوّ ففرّقن بينه، كقوله : وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً أو بسحائب نشرن الموات، ففرّقن بين هن يشكر للّه تعالى وبين من يكفر، كقوله لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ فألقين ذكرا إمّا عذرا للذين يعتذرون إلى اللّه بتوبتهم واستغفارهم إذا رأوا نعمة اللّه في الغيث ويشكرونها، وإما إنذارا الذين يغفلون الشكر للّه وينسبون ذلك إلى الأنواء، وجعلن ملقيات للذكر لكونهن سببا في حصوله إذا شكرت النعمة فيهن أو كفرت. فإن قلت : ما معنى عرفا؟ قلت : متتابعة كشعر العرف «١». يقال : جاءوا عرفا واحدا، وهم عليه كعرف الضبع : إذا تألبوا عليه، ويكون بمعنى العرف الذي هو نقيض النكر، وانتصابه على أنه مفعول له، أى : أرسلن للإحسان والمعروف، والأول على الحال. وقرئ : عرفا على التثقيل، نحو نكر في نكر. فإن قلت :
قد فسرت المرسلات بملائكة العذاب، فكيف يكون إرسالهم معروفا؟ قلت : إن لم يكن معروفا للكفار فإنه معروف للأنبياء والمؤمنين الذين انتقم اللّه لهم منهم. فإن قلت : ما العذر والنذر، وبما انتصبا؟ قلت : هما مصدران من أعذر إذا محا الإساءة، ومن أنذر إذا خوّف على
__
(١). قوله «كشعر العرف» في الصحاح «العرف» : عرف الفرس. وقوله تعالى وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً يقال : هو مستعار من عرف الفرس، أى : يتتابعون كعرف الفرس. وفيه «تألبوا» : تجمعوا. (ع)


الصفحة التالية
Icon