المفردات في غريب القرآن، ص : ٣٣٦
كتاب الرّاء
رب
الرَّبُّ في الأصل : التربية، وهو إنشاء الشيء حالا فحالا إلى حدّ التمام، يقال رَبَّهُ، وربّاه ورَبَّبَهُ. وقيل :(لأن يربّني رجل من قريش أحبّ إليّ من أن يربّني رجل من هوازن) «١». فالرّبّ مصدر مستعار للفاعل، ولا يقال الرّبّ مطلقا إلا للّه تعالى المتكفّل بمصلحة الموجودات، نحو قوله : بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ [سبأ / ١٥].
وعلى هذا قوله تعالى : وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً
[آل عمران / ٨٠] أي :
آلهة، وتزعمون أنهم الباري مسبّب الأسباب، والمتولّي لمصالح العباد، وبالإضافة يقال له ولغيره، نحو قوله : رَبِّ الْعالَمِينَ [الفاتحة / ١]، ورَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ [الصافات / ١٢٦]، ويقال : رَبُّ الدّار، ورَبُّ الفرس لصاحبهما، وعلى ذلك قول اللّه تعالى :
اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ [يوسف / ٤٢]، وقوله تعالى : ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ [يوسف / ٥٠]، وقوله : قالَ مَعاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ [يوسف / ٢٣]، قيل :
عنى به اللّه تعالى، وقيل : عنى به الملك الذي ربّاه «٢»، والأوّل أليق بقوله. والرَّبَّانِيُّ قيل : منسوب إلى الرّبّان، ولفظ فعلان من : فعل يبنى نحو :
عطشان وسكران، وقلّما يبنى من فعل، وقد جاء نعسان. وقيل : هو منسوب إلى الرّبّ الذي هو المصدر، وهو الذي يربّ العلم كالحكيم، وقيل : منسوب إليه، ومعناه، يربّ نفسه بالعلم، وكلاهما في التحقيق متلازمان، لأنّ من ربّ نفسه بالعلم فقد ربّ العلم، ومن ربّ العلم فقد ربّ نفسه به. وقيل : هو منسوب إلى الرّبّ،
(١) هذا من حديث صفوان بن أمية لأبي سفيان يوم حنين قالها لما انهزم الناس أول المعركة من المسلمين انظر :
الروض الأنف ٤ / ١٢٤، والنهاية لابن الأثير ٢ / ١٨٠.
(٢) وهو قول أكثر المفسرين، ويرجّحه قوله :«أكرمي مثواه».