ج ٤، ص : ٢٤٩
(بسم اللّه الرّحمن الرّحيم)
سورة الإسراءقوله عز وجل :(وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا)، الآية/ ١٥.
يدل على صحة قول أهل الحق في أنه لا تكليف قبل السمع، وأنه لا وجوب قبل إرسال الرسل، ولا يقبح ولا يحسن بالعقل، خلافا لمن عدا أهل الحق، في كون العقل طريقا إلى معرفة وجوب الواجبات، وتحريم المحرمات، وإباحة المباحات، ثم الأكثرون منهم على أنه يجوز أن يقتصر ببعض المكلفين على دليل العقل دون السمع، إذا كانت مصلحته فيما دل عليه العقل، وأنه يقع في علم اللّه أنه ينهض بما كلفه دليل العقل، والغرض بالشرائع المصلحة، وإذا كان المعلوم من حال بعضهم نهوضه بالتكاليف العقلية تلقيا من دليل العقل، لم يكن لإرسال الرسل إليهم فائدة، وإنما يرسل اللّه تعالى عندهم الرسول إلى من وقع في المعلوم أن تمسك المتمسك بالشريعة داعي إلى المصلحة في التكاليف العقلية، فيرسل الرسول إليه بأمور سمعية يعلم اللّه تعالى كونها داعية إلى المستحسنات العقلية، ويحرم عليه من السمعيات ما يعلم كونه داعيا إلى المستقبحات العقلية.