ألا تتقون عقاب الله على معصيتكم ربكم؟. (إِنِّي لَكُمْ مِنَ اللَّهِ رَسُولٌ أَمِينٌ) على وحيه. (فاتقوا) عقاب (الله) على خلافكم أمره (وأطيعون) ترشدوا.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٨٠) أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (١٨١) ﴾
يقول: (وَمَا أَسْأَلُكُمْ) على نصحي لكم من جزاء وثواب، ما جزائي وثوابي على ذلك (إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ أَوْفُوا الْكَيْلَ). يقول: أوفوا الناس حقوقهم من الكيل. (وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ) يقول: ولا تكونوا ممن نقصهم حقوقهم.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ (١٨٢) وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ (١٨٣) ﴾
يعني بقوله (وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ) وزنوا بالميزان (الْمُسْتقِيمِ) الذي لا بخس فيه على من وزنتم له. (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ) يقول: ولا تنقصوا الناس حقوقهم في الكيل والوزن. (وَلا تَعْثَوْا فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ) يقول: ولا تكثروا في الأرض الفساد. قد بيَّنا ذلك كله بشواهده، واختلاف أهل التأويل فيه فيما مضى، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الأوَّلِينَ (١٨٤) قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (١٨٥) وَمَا أَنْتَ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (١٨٦) فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٨٧) ﴾
يقول تعالى ذكره: (واتقوا) أيها القوم عقاب ربكم (الَّذِي خَلَقَكُمْ وَخَلَقَ الْجِبِلَّةَ الأوَّلِينَ) يعني بالجبلة: الخلق الأوّلين. وفي الجبلة للعرب لغتان: كسر الجيم والباء وتشديد اللام، وضم الجيم والباء وتشديد اللام; فإذا نزعت الهاء من آخرها كان الضم في الجيم والباء أكثر كما قال جلّ ثناؤه: "وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جُبُلا كَثِيرًا" وربما سكنوا الباء من الجبْل، كما قال


الصفحة التالية
Icon