لطائف الإشارات، ج ١، ص : ٥٢
المغضوب عليهم الذين صدمتهم هواجم الخذلان «١»، وأدركتهم مصائب الحرمان، وركبتهم سطوة الرد، وغلبتهم بواده الصد والطرد.
ويقال هم الذين لحقهم ذل الهوان، وأصابهم «٢» سوء الخسران، فشغلوا فى الحال باجتلاب الحظوظ - وهو فى التحقيق (شقاء) إذ يحسبون أنهم على شى ء، وللحق فى شقائهم سر.
ويقال هم الذين أنسوا بنفحات التقريب زمانا ثم أظهر الحق سبحانه فى بابهم شانا بدّلوا بالوصول بعادا، وطمعوا فى القرب فلم يجدوا مرادا، أولئك الذين ضلّ سعيهم، وخاب ظنهم.
ويقال غير المغضوب عليهم بنسيان التوفيق، والتعامي عن رؤية التأييد. ولا الضالين عن شهود سابق الاختيار، وجريان التصاريف والأقدار.
ويقال غير المغضوب عليهم بتضييعهم آداب الخدمة، وتقصيرهم فى أداء شروط الطاعة.
ويقال غير المغضوب عليهم هم الذين تقطعوا فى مفاوز الغيبة، وتفرّقت بهم الهموم في أودية وجوه الحسبان.
[فصل ] ويقول العبد عند قراءة هذه السورة آمين، والتأمين سنّة، ومعناه يا رب افعل واستجب، وكأنه يستدعى بهذه القالة التوفيق للأعمال، والتحقيق للآمال، وتحط رجله بساحات الافتقار، ويناجى حضرة الكرم بلسان الابتهال، ويتوسل (بتبريه) «٣» عن الحول والطاقة والمنّة والاستطاعة إلى حضرة الجود. وإن أقوى وسيلة للفقير تعلقه بدوام الاستعانة لتحققه بصدق الاستغاثة.
السورة التي تذكر فيها البقرة
قوله تعالى :
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الاسم مشتق من السمو والسّمة، فسبيل من يذكر هذا الاسم أن يتسم بظاهره بأنواع المجاهدات، ويسمو بهمته إلى محالّ المشاهدات. فمن عدم سمة المعاملات على ظاهرة، وفقد(١) يقول القشيري في الرسالة (و منهم من تغيرهم البواده وتصرفه الهواجم، ومنهم من يكون فوق ما يفجؤه حالا ووقتا.. أولئك هم سادات الوقت) ص ٤٤. [.....]
(٢) وردت (أحبابهم).
(٣) وردت (ببريته) والصواب (بتبريه).