لطائف الإشارات، ج ٢، ص : ٢٨٤
السورة التي يذكر فيها النحل
قوله جل ذكره : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ألف الوصل فى «بِسْمِ اللَّهِ» لم يكن لها فى التحقيق أصل، جلبت للحاجة إليها للتوصل بها إلى النطق بالسّاكن، وإذ وقع ذلك أنفا عنها أسقطت فى الإدراج، ولكن كان لها بقاء فى الخط وإن لم يكن لها ظهور فى اللفظ، فلمّا صارت إلى «بِسْمِ اللَّهِ» أسقطت من الخط كذلك..
وكذلك من ازداد صحبة استأخر «١» رتبة.
ويقال أي استحقاق لواو عمرو حتى ثبتت فى الخط؟ وأي استحقاق إلى الألف فى قولهم قتلوا وفعلوا؟ وأىّ موجب لحذف الألف من السماوات؟
طاحت العلل فى الفروق، وليس إلا اتفاق الوضع... كذلك الإشارة فى أرباب الردّ والقبول، قال تعالى «إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ» «٢».
قوله جل ذكره :
[سورة النحل (١٦) : آية ١]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (١)صيغة أتى للماضى، والمراد منه الاستقبال لأنه بشأن ما كانوا يستعجلونه من أمر الساعة، والمعنى «سيأتى» أمر القيامة، والكائنات كلّها والحادثات بأسرها من جملة أمره أي حصل أمر تكوينه وهو أمر من أموره لأنه حاصل بتقديره وتيسيره، وقضائه وتدبيره فما يحصل من خير وشرّ، ونفع وضرّ، وحلو ومرّ.. فذلك من جملة أمره تعالى.
«فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ» وأصحاب التوحيد لا يستعجلون شيئا باختيارهم لأنهم قد سقطت عنهم الإرادات والمطالبات، وهم خامدون تحت جريان تصريف الأقدار فليس لهم إيثار ولا اختيار فلا يستعجلون أمرا، وإذا أمّلوا شيئا، أو أخبروا بحصول شىء فلا استعجال لهم، بل شأنهم
(١) إن صح نقل هذه الكلمة عن الأصل فلربما يقصد القشيري منها استخفى عن الظهور، وازداد ذبولا، وبعدا عن التظاهر والدعوى.
(٢) آية ١٠٧ سورة هود.