لطائف الإشارات، ج ٣، ص : ٦٤١
سورة المزمّل
قوله جل ذكره :«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ».
«بِسْمِ اللَّهِ» : الحادثات باللّه حصلت، فقلوب العارفين باللّه عرفت ما عرفت وأرواح الصّديقين باللّه ألفت من ألفت وفهوم الموحّدين بساحات جلاله وقفت، ونفوس العابدين بالعجز عن استحقاق عبادته اتّصفت وعقول الأولين والآخرين بالعجز عن معرفة جلاله اعترفت.
قوله جل ذكره :
[سورة المزمل (٧٣) : الآيات ١ الى ٥]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً (٢) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (٣) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً (٤)
إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً (٥)
أي : المتزمل المتلفّف في ثيابه. وفي الخبر : أنه كان عند نزول هذه الآية عليه مرطّ من شعر ووبر، وقالت عائشة رضى اللّه عنها : كان نصفه عليّ وأنا نائمة، ونصفه على رسول اللّه وهو يصلّى، وطول المرط أربعة عشر ذراعا «١».
«نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا» قم الليل إلا قليلا، نصفه بدل منه أي : قم نصف الليل، وأنقص من النصف إلى الثلث أو زد على الثلث، فكان عليه الصلاة والسلام في وجوب قيام الليل مخيّرا ما بين ثلث الليل إلى النصف وما بين النصف إلى الثلث. وكان ذلك قبل فرض الصلوات الخمس، ثم نسخ بعد وجوبها على الأمة - وإن كانت بقيت واجبة على الرسول صلى اللّه عليه وسلم.
ويقال : يا أيها المتزمّل بأعباء النبوّة... قم الليل.
_
(١) معنى هذا : أن السورة مدنية وليست مكية، لأن النبي لم يبن بعائشة إلا في المدينة.


الصفحة التالية
Icon