ج ١٠، ص : ١٣٦
سورة القيامة
مكّيّة وهى أربعون اية
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ قرأ قنبل لا قسم بغير الالف بعد اللام تأكيد القسم وكذا روى النقاش عن أبى ربيعة عن البزي والباقون بالألف بما بعد اللام فقيل لا زائدة كما فى قوله.وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ والمعنى فيهما القسم وجواب القسم محذوف دل عليه ما بعده أى لتبعثن ولتحاسبن وليجزين كل نفس بما كسبت ان خير فخير وان شر فشر وقال أبو بكر بن عياش هو تأكيد للقسم قال البيضاوي إدخال لا النافية على فعل القسم للتاكيد شائع فى كلام العرب قلت وفيه اشعار بان هذا الأمر ظاهر مستغن عن التأكيد بالقسم وذلك لأن من له عقل وفهم لو تأمل بعد ما يرى من الناس من هو كافر للمنعم ظالم على الخلق قاطع للرحم مرتكب الأمور بجزم العقل بقبحها وهو فى نعمة ورغد من العيش ومن هو شاكر للّه تعالى راض عنه الخلق فى محبته وبلاء يحكم ان للجزاء دارا غير هذا الدار والا يلزم من اللّه تعالى ترجيح الشنيع على المليح وذلك شنيع يستحيل انصاف الصانع به تعالى عن ذلك علوا كبيرا والنفس اللوامة المراد بها اما الجنس قال الفراء ليس من نفس برة ولا فاجرة الا وهى تلوم نفسها يعنى فى الاخرة ان كانت عملت خيرا قالت هلازدت وان عملت سوءا قالت ليتنى لم افعل وقال الحسن هى النفس المؤمنة قال ان المؤمن واللّه ما تراه الا يلوم نفسه يعنى فى الدنيا ما أردت بكلامي وما أردت باكلى وان الفاجر لا يحاسب نفسه ولا يعاتبها وقال مقاتل النفس الكافرة تلوم نفسه فى الاخرة على ما فرط فى امر اللّه تعالى فى الدنيا وقيل المراد به الذي يقول لو فعلت كذا ولو لم افعل كذا لكان كذا ولا يرضى بالقضاء قائلا ما شاء اللّه ويقدر اللّه وقالت الصوفية النفس امارة بالسوء ثم إذا اجتهد فى الذكر وتداركه الجذب من اللّه تعالى يظهر له قبائح نفسه ويرى مشتغلا لغير اللّه سبحانه ولا يقدر على القطع عنه بالكلية فحينئذ تلوم نفسها ويقال لها النفس اللوامة ثم إذا حصل له الفناء والبقاء وانخلع عما سوى اللّه واطمئن بذكره