ج ١٠، ص : ١٩٧
سورة عبس
مكيّة وهى اثنتان وأربعون اية

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

ذكر البغوي ان ابن أم مكتوم واسمه عبد اللّه بن شريح بن مالك بن ربيعة الفهري من بنى عامر ابن لوى اتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم وهو يناجى عتبة بن ربيعة وأبا جهل بن هشام والعباس بن عبد المطلب وابى وامية ابني خلف يدعوهم إلى اللّه يرجوا إسلامهم فقال ابن أم مكتوم يا رسول اللّه اقرئنى وعلمنى مما علمك اللّه فجعل يناديه ويكرر النداء ولا يدرى انه مقبل على غيره حتى ظهرت الكراهية فى وجهه ـ ﷺ ـ لقطع كلامه وقال فى نفسه يقول هؤلاء الصناديد انما اتباعه العميان والعبيد والسفلة فعبس وجهه واعرض عنه واقبل على القوم الذين كان يكلمهم فانزل اللّه تعالى
عَبَسَ محمد أى كلح وَتَوَلَّى اعرض وجهه.
أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى ومحله النصب على انه مفعول لاحد الفعلين على التنازع أو لأن جاءه الأعمى وهو ابن أم مكتوم المذكور كذا أخرج الترمذي والحاكم عن عائشة وفيه قال ابن أم مكتوم أترى عما أقوله بأسا قال رسول اللّه ـ ﷺ ـ لا وأخرج مثله عن أنس وكذا روى ابن أبى حاتم عن ابن عباس وفيه فكان رسول اللّه ـ ﷺ ـ بعد ذلك إذا راه يكرمه ويقول مرحبا بمن عاتبتى فيه ربى ويقول له هل لك من حاجة وفيما روى الترمذي والحاكم عن عائشة ان النبي ـ ﷺ ـ استخلفه على المدينة مرتين فى غزوتين غزاهما وذكر الأعمى فى الآية اشعار بعذره فى الاقدام على قطع كلام النبي صلى اللّه عليه وسلم.
وَما يُدْرِيكَ ما نافية أو استفهامية للانكار ومعناه النفي يعنى أنت ما أدريت بحاله واى شىء يجعلك داريا بحاله وفيه ايماء إلى العذر فى حق النبي ـ ﷺ ـ يعنى انك لو كنت عالما بحال الأعمى لم تعرض عنه مقبلا على غيره وفى الآية إجلال للنبى ـ ﷺ ـ بوجوه أحدها انه ذكر موجب الإنكار والاعراض عنه فى بدأ الكلام بلفظ الغيبة ولم يسند ذلك الفعل إليه بالتخاطب إيهاما بان من صدر ذلك الفعل كأنَّه غيره وليس من شأنه ان يصدر منه مثله وتوجيه ذلك


الصفحة التالية
Icon