خَتَمَ الله عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى اَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ ٧

مقدمة

اعلم! انه لزمنا ان نقف هنا حتى نستمع لما يتكلم به المتكلمون؛ اذ تحت هذه الآية حرب عظيمة بين اهل الاعتزال واهل الجبر واهل السنة والجماعة. ومثل هذه الحرب تستوقف النُظّار. فناسب ان نذكر اساسات لتستفيد منها:
ان مذهب اهل السنة والجماعة هو الصراط المستقيم، وماعداه إما افراط او تفريط.
منها: انه قد تحقق "اَنْ لا مُؤَثِّرَ فِي الْكَوْنِ اِلاّ الله" فإذاً لا تفويض. ١
ومنها: "ان الله حكيم" فلا يكون الثواب والعقاب عبثين فحينئذ لا اضطرار. فكما ان التوحيد يدفع في صدر الاعتزال؛ كذلك التنزيه يضرب على فم الجبر.
ومنها: ان لكل شئ جهتين: جهة مُلكية هي قد تكون حسنة وقد تكون قبيحة تتوارد عليها الاشكال كظهر المرآة. وجهة ملكوتية تنظر الى الخالق. وتلك شفافة في كل شئ كوجه المرآة. فخلقُ القبيح ليس قبيحاً؛ اذ الخلق من جهة الملكوتية حسن، ولان خلقه لتكميل المحاسن فيحسن بالغير. فلا تصغ الى سفسطة الاعتزال!
ومنها: ان الحاصل بالمصدر ٢ أمر قارٌ مخلوق جامد لا يشتق منه الصفات ٣. واما المصدر فمكسوب نسبيّ اعتباريّ يشتق منه الصفات. فلا يكون خالق القتل قاتلا.. فَذَرْ اهلَ الاعتزالِ في خوضهم يَلْعَبُون!..
ومنها: ان الفعل الظاهريّ في الاغلب نتيجة لافعال متسلسلة منتهية الى ميلان النفس الذي يسمّى "بالجزء الاختياري". فتدور المنازعات على هذا الاساس.
١ كما يقول اهل الاعتزال من ان العبد خالق لافعاله (ت: ٧٩)
٢ كالألم والموت الحاصلين بالضرب والقتل (ت: ٧٩)
٣ اى لايشتق من الجامد اسم الفاعل كما هو معلوم في علم الصرف (ت: ٨٠)


الصفحة التالية
Icon