هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الأرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى اِلَى السَّماءِ فَسَوّيهُنَّ سَبْعَ سَموَاتٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ٢٩
اعلم! ان لهذه الآية ايضاً الوجوه الثلاثة العظيمة: ١
أما نظم المجموع بالسابق فهو: ان في الآية الأولى انكار الكفر والكفران بالدلائل الانفسية وهي أطوار البشر، وفي هذه الآية اشارة الى الدلائل الآفاقية.. وكذا في الأولى اشارة الى نعمة الوجود والحياة، وفي هذه الآية الى نعمة البقاء.. وكذا في تلك دليل على الصانع ومقدمة للحشر، وفي هذه اشارة الى تحقيق المعاد وازالة الشبه كأنهم يقولون: اين للإنسان هذه القيمة؟ وكيف له تلك الأهمية؟ وما موقعه عند الله حتى يقيم القيامة لأجله؟ فقال القرآن باشارات هذه الآية: ان للإنسان قيمة عالية بدليل ان السموات والأرض مسخرة لاستفادته، وكذا ان له أهمية عظيمة بدليل ان الله لم يخلق الانسان للخلق بل خلق الخلق له، وان له عند خالقه لموقعا بدليل ان الله تعالى لم يوجد العالم لذاته بل اوجده للبشر وأوجد البشر لعبادته. فانتج ان الانسان مستثنى وممتاز لا كالحيوانات فيليق أن يكون مظهراً لجوهرةِ (ثم اليه ترجعون).
وأما نظم جملة جملة، فاعلم! ان لفظ "جميعا" في الجملة الأولى ولفظ "ثم" في الثانية ولفظ "سبع" في الثالثة تقتضي تحقيقاً. فلنتكلم عليها في ثلاث مسائل:
المسألة الأولى:
ان قلت: ان هذه الآية تدل على أن جميع ما في الأرض لاستفادة البشر فكيف يتصور استفادة (زيد) مثلا من كل جزء من أجزاء الأرض؟ و (حبيب وعلي) ٢ كيف يستفيدان من حجر في قعر جبل في وسط جزيرة في البحر المحيط الكبير؟ وكيف يكون مال (زيد) لاستفادة عمرو؟ مع ان الآية باشارات أخواتها تشير أن لكل فردٍ الجميعَ لا التوزيع. وكذا كيف تكون الشمس والقمر وغيرهما مع
٢ هما من طلبة الاستاذ المؤلف في مدرسة خورخور.