وأما قراءتنا التي نقرأ ونأخذ بها، فهي القراءة السهله المرتله العذبه الألفاظ، التي لا تخرج عن طباع العرب وكلام الفصحاء، على وجه من وجوه القراءات، فنقرأ لكل إمام بما نقل عنه، من مد أو قصر أوهمز أو تخفيف همز أو تشديد أو تخفيف أو إماله أوفتح أو إشباع أو نحو ذلك.

فصل فيما يستفاد بتهذيب الألفاظ وما تكون الثمرة الحاصلة عند تقويم اللسان


اعلم أن المستفاد بذلك حصول التدبر لمعاني كتاب الله تعالى، والتفكر في غوامضه، والتبحر في مقاصده، وتحقيق مراده - جل اسمه - من ذلك.
فانه تعالى قال: ﴿كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب﴾، وذلك أن الألفاظ إذا أجليت على الأسماع في أحسن معارضها، وأحلى جهات النطق بها، حسب ما حث عليه رسول الله - ﷺ - بقوله: «زينوا القرآن بأصواتكم» - كان تلقي القلوب وإقبال النفوس عليها بمقتضى زيادتها في الحلاوة والحسن، على ما لم يبلغ ذلك المبلغ منها، فيحصل حينئذ الامتثال لأوامره، والانتهاء عن مناهيه، والرغبة في وعده، والرهبة من وعيده، والطمع في ترغيبه، والارتجاء بتخويفه، والتصديق بخبره، والحذر من إهماله، ومعرفة الحلال والحرام.
وتلك فائدة جسيمة، ونعمه لايهمل ارتباطها إلا محروم، ولهذا المعنى شرع الإنصات إلى قراءة القرآن في الصلاة وغيرها،


الصفحة التالية
Icon