يقول تعالى مخبراً عن القرآن العظيم، أنه أنزله في ليلة مباركة وهي ليلة القدر، كما قال عزَّ وجلَّ :﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القدر ﴾ [ القدر : ١ ] وكان ذلك في شهر رمضان، كما قال تبارك وتعالى :﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الذي أُنْزِلَ فِيهِ القرآن ﴾ [ البقرة : ١٨٥ ]، وقوله عزّ وجلّ :﴿ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ ﴾ أي معلمين الناس ما ينفعهم ويضرهم شرعاً لتقوم حجة الله على عباده، وقوله :﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ أي في ليلة القدر يفصل من اللوح المحفوظ إلى الكتبة أمر السنة، وما يكون فيها من الآجال والأرزاق وما يكون فيها إلى آخرها، وقوله جلّ علا :﴿ حَكِيمٍ ﴾ أي محكم لا يبدل ولا يغير، ولهذا قال جلّ جلاله :﴿ أَمْراً مِّنْ عِنْدِنَآ ﴾ أي جميع ما يكون ويقدره الله تعالى وما يوحيه فبأمره وإذنه وعلمه ﴿ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ﴾ أي إلى الناس رسولاً يتلو عليهم آيات الله مبينات، فإن الحاجة كانت ماسة إليه، ولهذا قال تعالى :﴿ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السميع العليم * رَبِّ السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَآ ﴾ أي الذي أنزل القرآن هو رب السماوات والأرض وخالقهما ومالكهما وما فيهما، ﴿ إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ ﴾ أي إن كنتم متحققين، ثم قال تعالى :﴿ لاَ إله إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَآئِكُمُ الأولين ﴾ وهذه الآية كقوله تعالى :﴿ قُلْ ياأيها الناس إِنِّي رَسُولُ الله إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الذي لَهُ مُلْكُ السماوات والأرض لا إله إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ ﴾ [ الأعراف : ١٥٨ ] الآية.