قال عكرمة : لما قالت اليهود : نحن نعبد عزير بن الله، وقالت النصارى : نحن نعبد المسيح بن الله، وقالت المجوس : نحن نعبد الشمس والقمر، وقالت المشركين : نحن نعبد الأوثان أنزل الله على رسول الله ﷺ :﴿ قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ ﴾ يعني هو الواحد الأحد، الذي لا نظير له ولا وزير، ولا شبيه ولا عديل، لأنه الكامل في جميع صفاته وأفعاله، وقوله تعالى :﴿ الصمد ﴾ يعني الذي يصمد إليه الخلائق في حوائجهم ومسائلهم، قال ابن عباس : هو السيد الذي قد كمل في سؤدده، والشريف الذي قد كمل في شرفه، والعظيم الذي قد كمل في عظمته، والحليم الذي قد كمل في حلمه، والعليم الذي قد كمل في علمه، والحيكم الذي قد كمل في حكمته، وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسؤدد، وهو الله سبحانه، ليس له كفء وليس كمثله شيء، سبحان الله الواحد القهار، وقال الأعمش ﴿ الصمد ﴾ السيد الذي قد انتهى سؤدده، وقال الحسن وقتادة : هو الباقي بعد خلقه، وقال الحسن أيضاً ﴿ الصمد ﴾ الحي القيوم الذي لا زوال له، وقال الربيع بن أنَس : هو الذي لم يلد ولم يولد كأنه جعل ما بعده تفسيراً له، وهو قوله :﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ﴾ وهو تفسير جيد، وقال ابن مسعود والضحّاك والسدي :﴿ الصمد ﴾ الذي لا جوف له، وقال مجاهد ﴿ الصمد ﴾ المصمت الذي لا جوف له، وقال الشعبي : هو الذي لا يأكل الطعام ولا يشرب الشراب. وقد قال الحافظ أبو القسام الطبراني في « كتاب السنة » بعد أيراده كثيراً من هذه الأقوال في تفسير الصمد : وكل هذه صحيحة وهي صفات ربنا عزَّ وجلَّ، هو الذ يصمد إليه في الحوائج، وهو الذي قد انتهى سؤدده، وهو الصمد الذي لا جوف له ولا يأكل ولا يشرب، وهو الباقي بعد خلقه، وقال البيهقي نحو ذلك، وقوله تعالى :﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ ﴾ أي ليس له ولد ولا والد ولا صاحبة، قال مجاهد :﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ ﴾ يعني لا صاحبة له، وهذا كما قال تعالى :﴿ بَدِيعُ السماوات والأرض أنى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [ الأنعام : ١٠١ ] أي هو مالك كل شيء وخالقه، فكيف يكون له من خلقه نظير يساميه، أو قريب يدانيه؟ تعالى وتقدس وتنزه، قال تعالى :﴿ وَقَالُواْ اتخذ الرحمن وَلَداً * لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً ﴾ [ مريم : ٨٨-٨٩ ]، وقال تعالى :﴿ وَقَالُواْ اتخذ الرحمن وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ * لاَ يَسْبِقُونَهُ بالقول وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ﴾ [ الأنبياء : ٢٦-٢٧ ]، وفي « صحيح البخاري » :« لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله، إنهم يجعلون له ولداً وهو يرزقهم ويعافيهم » وفي الحديث القدسي :« كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه أياي فقوله : لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق، بأهون عليَّ من إعادته. وأما شتمه إياي فقوله : اتخذ الله ولداً، وأنا الأحد الصمد لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفواً أحد ».