﴿ملاقو رَبهم وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُون (٤٦) يَا بني إِسْرَائِيل اذْكروا نعمتي الَّتِي أَنْعَمت عَلَيْكُم وَأَنِّي فضلتكم على الْعَالمين (٤٧) وَاتَّقوا يَوْمًا لَا تجزي نفس﴾ رَاجِعَة إِلَى الصَّوْم وَالصَّلَاة جَمِيعًا. إِلَّا أَنه اكْتفى بِأحد الْمَذْكُورين وَالْكِنَايَة عَنهُ. وَهُوَ كَمَا قَالَ الْقَائِل:

(وَمن يَك أَمْسَى بِالْمَدِينَةِ رَحْله فَإِنِّي وقيار بهَا لغريب)
أَي: لغريبان إِلَّا أَنه اكْتفى بِأَحَدِهِمَا. وَأورد الْأَزْهَرِي فِي كتاب التَّقْرِيب قولا حسنا، فَقَالَ: تَقْدِيره: وَاسْتَعِينُوا بِالصبرِ وَإنَّهُ لكبير، وبالصلاة وَإِنَّهَا لكبيرة، إِلَّا أَنه حذف أَحدهمَا وَاخْتصرَ الْمَعْنى اختصارا.
(إِلَّا على الخاشعين) الخاشع: هُوَ الْمُطِيع المتواضع.
﴿الَّذين يظنون﴾ يستيقنون. وَالظَّن يكون بِمَعْنى الشَّك، وَيكون بِمَعْنى الْيَقِين، قَالَ الله تَعَالَى: ﴿إِنِّي ظَنَنْت أَنِّي ملاق حسابيه﴾ أَي: استيقنت، وَقَالَ الشَّاعِر:
(فَقلت لَهُم ظنُّوا بألفي مقنع سراتهم فِي الْفَارِسِي المسرد)
وَقَوله تَعَالَى: ﴿أَنهم ملاقوا رَبهم﴾ أَي صائرون إِلَى رَبهم. وكل مَا ورد فِي الْقُرْآن من اللِّقَاء فَهُوَ بِمَعْنى الصيرورة إِلَيْهِ، كَذَا قَالَ الْمُفَسِّرُونَ.
وَقيل: هُوَ اللِّقَاء الْمَوْعُود، وَهُوَ رُؤْيَة الله تَعَالَى.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُون﴾ أَي: صائرون.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿يَا بني إِسْرَائِيل اذْكروا نعمتي الَّتِي أَنْعَمت عَلَيْكُم﴾ مَعْنَاهُ مَا سبق. ﴿وَأَنِّي فضلتكم على الْعَالمين﴾ التَّفْضِيل نقيض التَّسْوِيَة. وَأَرَادَ بِهِ التَّفْضِيل بِتِلْكَ النعم الَّتِي سبق ذكرهَا. وَذَلِكَ التَّفْضِيل وَإِن كَانَ فِي حق الْآبَاء وَلَكِن يحصل بِهِ الشّرف للأبناء، فصح الْخطاب مَعَهم.
﴿على الْعَالمين﴾ على عالمي زمانهم.
قَوْله تَعَالَى ﴿وَاتَّقوا يَوْمًا لَا تجزي نفس عَن نفس شَيْئا﴾ مَعْنَاهُ: واحذروا


الصفحة التالية
Icon